فكرة .. اتجاه .. أو أسلوب حياة .. وجودها قديم قدم الأزل وطُبقت في عصور الأمومية وما قبل الميلاد قبل سيطرة العصور الأبوية ثم لمعت مرة أخرى في حضارات أوروبا و أمريكا اللاتينية ولطالما حاولت افساح الطريق لنفسها وسط كل محاولات دحضها .. إنها فكرة الرئاسة المشتركة.
فقد خُلق الكون من رجل وامرأة .. قطبي الحياة .. ومن المرأة ـ كما نعلم ـ خُلقت الحياة .. البشرية .. تعاقب الاجيال وكل شيء ، وفي كل مرحلة أو حقبة تاريخية تتمتع فيها المرأة بحقوقها وحريتها وتشارك الرجل في الحياة بكل أشكالها إلا وكانت أزهى وأرقى من ازمنة أخرى تُرك الأمر فيها لقطب واحد وحيد يسيطر بمفرده على زمام الأمور ، ورغم أن الفرصة عندما كانت بيد المرأة كاملة قادت جيوش وحكمت أقاليم كاملة ولكن تظل التشاركية الحرة هي كلمه السر لنجاح أقوى.
وبعد صولات وجولات بين قطبي الحياة ـ الرجل والمرأة ـ تارة له وتارة لها ظهر المفكر والفيلسوف (عبد الله أوجلان) ـ الزعيم الكردي الأشهر ـ والذي تناول في كل كتاباته فكرة الرئاسة المشتركة كأساس لبناء المجتمعات ولتكوين سياسة واعية وداحضة للسياسة المهيمنة الحالية والتي تمرر عبودية المرأة ولطالما تحدث عن اشراك الجنسين وبإرادتهما في السياسة الديمقراطية من أجل كل الوعي والتنوع والإبداع ولتحقيق المساواه بينهما وتعزيز حقوق كليهما بمنتهى الحرية والإستقرار.
ومنذ 2014 ومع صدور اعلان العقد الإجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية في اقليم شمال وشرق سوريا نستطيع القول أن الرئاسة المشتركة خطت أولى خطواتها على أرض الواقع ، فقد اشتمل الإعلان على تحقيق المشاركة السياسية والقانونية والحقوقية وحتى التعليمية والتوعوية وأيضاً العسكرية ، وظهرت مصطلحات جديدة مثل الرئيس المشترك والرئيسة المشتركة في قطاعات مختلفة كالأحزاب والمؤسسات والهياكل الإدارية والمحلية وكذلك جهات صنع القرار مع ضمان تمثيل شامل وعادل لكل فئات المجتمع لكلا الجنسين ، وهو ما يختلف في حقيقة الأمر كلية عن أى مصطلحات نسوية قائمة على وجوب الصراع فقط بين الرجل والمرأة بشكل ربما لا طائل منه وإنما استُبدل الأمر بتشاركية حرة وبوعي من الطرفين لتحقيق التكامل بينهما وظهور مجتمع أفضل.
وفي رأيي، كان ما نادى به (العم آبو) وتناوله في كل كتاباته من شرح تفصيلي لتطبيق هذه الفكرة هو بحق نموذج يستحق التعميم في سائر مجتمعاتنا الشرق أوسطية ، فالمرأة كائن مبدع ومنتج بالفطرة ومتى متى تمكنت من حقوقها وتحصلت على آليات هذا التمكين لوثبت الشعوب وثبا نخو حياة متكاملة.
شيماء الشواربي
رئيس اتحاد المرأة بالحزب الليبرالي المصري
١٠/٤/٢٠٢٥
من زوايا العالم
منبر الرأي
فضاءات الفكر