بث تجريبي

حكم الأمر الواقع الانتقالي في سوريا…مهام وتحديات

التحديات الرئيسية التي تواجه الحكم الانتقالي
– الإرث الاستبدادي والانقسامات: ورثت السلطة الانتقالية بنية دولة منهكة بعد عقودٍ من الحكم الشمولي، مع مجتمع ممزق بسبب الصراع والطائفية، هناك مخاوف من أن بعض ممارسات السلطة الجديدة (مثل تركيز الصلاحيات بيد الرئيس الانتقالي أحمد الشرع) قد تعيد إنتاج أشكال جديدة من الاستبداد تحت غطاء ديني أو أيديولوجي.
– التدخّلات الخارجية: تستمر القوى الإقليمية والدولية (مثل تركيا وإيران وروسيا والغرب) في التأثير على المسار الانتقالي، سواء بالتدخل في الشؤون السورية الداخلية أو فرض شروط اقتصادية وسياسية تعيق الاستقرار.
– الأزمة الاقتصادية والأمنية: يعاني الاقتصاد من الانهيار بسبب العقوبات وتدمير البنية التحتية، بينما لا تزال بعض المجموعات المسلحة التي هي جزء من قوات النظام (خاصةً في الجنوب) ترفض الاندماج في مؤسسات الدولة الموحدة، ما يهدد السلم الأهلي.
–  الجهود والإمكانيات لبناء الديمقراطية:
-السيناريوهات الدستورية: تطرح مجموعات مثل “وحدة عمل سياسات سوريا” سيناريوهات لصياغة الدستور، أبرزها العودة إلى دستور 1950 المؤقت كأساس لحوارٍ وطني شامل، أو انتخاب هيئة تأسيسية تمثل جميع الشعوب، يُعتبر هذا السيناريو الأكثر توافقًا لضمان شرعية ديمقراطية، ويعد مجلس سوريا الديمقراطية هو الأبرز من بين هذه الشعوب، ولكنه يقترح اللامركزية حتى لا تتكرر أخطاء الماضي. كما أن صياغة دستور جديد مماثل للعقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا المحتضن لحقوق جميع الشعوب يعدّ الحلّ الأمثل لبناء سوريا على أساس ديمقراطي.
– المؤتمر الوطني السوري: هناك دعوات لإحياء نموذج “المؤتمر السوري الكبير” (كما حدث عام 1919) كمؤسسة تمثيلية جامعة تشرع لدستور دائم يتقاطع مع إرث النظام السابق، لكن نجاحه يتوقف على شموليته واستقلاليته عن أجندات السلطة الانتقالية.
– الدعوة لدولة مدنية لامركزية: يشدد ناشطون وأحزاب مثل ” مجلس سوريا الديمقراطية” و “اليسار الديمقراطي السوري” الذي يدعو لضرورة فصل الدين عن الدولة وضمان المساواة بين جميع المواطنين مع إعادة هيكلة مؤسسات الأمن والقضاء لخدمة المواطنة لا الأيديولوجية.
المخاطر والانتكاسات المحتملة
-الاستبداد الجديد: تحذّر تقارير من أن السلطة الانتقالية قد تسير نحو “استبداد ديني منظم” عبر تحالفات مع مجموعات متطرفة، مع إقصاء القوى المدنية والعلمانية.
– الفراغ الدستوري: الإعلان الدستوري الانتقالي الصادر في آذار 2025 أثار جدلًا بسبب منحه صلاحيات واسعة للرئيس، مما يهدد بمأسسة الاستبداد تحت ذريعة “المرحلة الاستثنائية”.
– التهميش السياسي: بعض الأحزاب التاريخية (مثل تلك التي قاومت نظام الأسد)، وقوات سوريا الديمقراطية التي تدير شمال وشرق سوريا. تستبعد من العملية السياسية، بينما تفرض قيود على تشكيل أحزاب جديدة، مما يضعف التعددية.
– يبقى السؤال الأهم…هل يمكن تحقيق الديمقراطية في سوريا…؟
الجواب من وجهة نظري هو أن الفرصة قائمة لكنها هشة. نجاح الحكم الانتقالي في بناء ديمقراطية موحدة يتطلب:
حواراً وطنياً شاملاً يضم كل الشعوب، وخصوصاً الكرد، والمتحالفون معهم من بقية مكونات الشعب السوري ممن حضروا مؤتمر الحوار الوطني في الحسكة (باستثناء المتورطين بجرائم النظام السابق).
إصلاحاً مؤسسياً يشمل الجيش والقضاء وضمان استقلاليتهما.
دعما دوليًا لرفع العقوبات وتمكين الاقتصاد، شرط عدم تدخل خارجي في السيادة السورية.
ضمانات دستورية تمنع تركيز السلطة وتكرس فصل الدين عن الدولة.
مع ذلك؛ فإن التعقيدات الهائلة والصراعات الداخلية والخارجية تجعل المسار طويلاً ومحفوفاً بالمخاطر. كما أن غياب الثقة بين الأطراف السورية وتراجع الدعم الدولي للديمقراطية لصالح “الاستقرار” قد يعيق التحول الجذري.

قد يهمك