بث تجريبي

بدون إحراج .. سيد أبواليزيد يكتب: لا إقصاء أو استبداد

مصادرة حرية الشعب السوري قبل أي انتخابات سواء برلمانية أو رئاسية أو حتى البلدية مسألة تشكك في ديمقراطية المرحلة الانتقالية التي تعاني من تعقيدات متنوعة نظرًا لتراكم الأزمات السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية وصولًا إلى التدخلات الإقليمية والدولية.

وليس من المتصور قبول مبررات واهية يرى المجتمع الدولي أنها ضعيفة بإقصاء السويداء والحسكة والرقة من الانتخابات المقبلة بدافع أنها مناطق غير آمنة وتمثل خطورة على المرحلة الانتقالية.

والإصرار على هذا الدفع السياسي إنما يدل دلالة بالغة على أن النظام لا يزال يرفض أي انتقال سياسي حقيقي ويتمسك بالسلطة بآليات تعبر عن الاستبداد والإقصاء بما يؤدي في النهاية للوصول إلى انتخابات شكلية.

من المتصور أن أخطر إشكاليات تهدد المرحلة الانتقالية الحالية هو شعور المواطنين السوريين بفقدان الثقة في أي سلطة أو جهة سياسية، فضلًا عن الإشكاليات الأخرى والتي تشمل غياب التوافق الوطني بين مكونات المعارضة المنقسمة إلى أطياف متعددة، والانقسام السوري الواضح ما بين مناطق نفوذ ممثل النظام والمدعوم من روسيا وإيران، والمعارضة المسلحة في الشمال بدعم من تركيا وهيئة تحرير الشام في إدلب، وقوات سوريا الديمقراطية، وكل ذلك يؤدي لإعاقة توحيد المؤسسات ويمثل تحديًا لأي سلطة انتقالية.

أعتقد أنه لا يمكن تحقيق انتقال ديمقراطي حقيقي في سوريا دون إرادة سياسية داخلية صادقة وتوافق إقليمي ودولي، ولن يتأتى ذلك دون مراعاة صياغة دستور جديد يراعي مشاركة كافة مكونات المجتمع السوري والالتزام بما تم التوافق عليه في 10 آذار، وإعادة النظر في مسألة تحديد كوتة للنساء داخل البرلمان بواقع 20%، بما يكرس للعقلية الذكورية رغم أن النساء يشكلن نصف المجتمع كما هو معروف.

بلا شك التوصل لدستور يراعي التعددية القومية والطائفية ويفصل بين السلطات ويضمن الحريات ويتم الاستفتاء عليه شعبيًا بإشراف قضائي وأممي لضمان الشفافية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف مراقبين دوليين أو الأمم المتحدة بجانب توفير الضمانات اللازمة لمشاركة السوريين في الداخل والمهجر، طريق يحقق تصويب الأوضاع للمرحلة الانتقالية والتي يمكن إعادة النظر فيها إذا ما تم تأسيس هيئة حكم انتقالية متوافق عليها وفقًا للقرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن، وبحيث تتمتع بصلاحيات تنفيذية كاملة وتشرف على العملية الانتقالية.

ومن التحديات الواضحة للمرحلة الانتقالية ما يتعلق بوجود ميليشيات متعددة الولاء وقوات أجنبية وتنظيمات متطرفة كداعش، مما يعقد أي عملية انتقالية، وبما يستلزم ضرورة التوصل للحلول لدمج هذه القوى ضمن جيش وطني موحد من خلال تفكيك الميليشيات الطائفية ودمج العناصر المؤهلة ووضع المؤسسة العسكرية تحت إشراف مدني مع رقابة قضائية، فضلًا عن سحب كافة القوى الأجنبية غير الشرعية من سوريا.

ولابد من مراعاة اعتماد الحوار الدولي لإلزام القوى الكبرى بالانسحاب المتزامن مع إعداد ترتيبات لنزع السلاح من الفصائل مقابل إدماجها بالمؤسسات الأمنية مع التوجه لتشكيل جهاز شرطة مدنية لحفظ الأمن الداخلي.

ندرك أن الخلافات القومية والطائفية تشكل صعوبة لأي مرحلة انتقالية، مما يستلزم الارتكاز على إدارة حكيمة تستند إلى هيئة مستقلة للعدالة الانتقالية لتسوية الملفات بطريقة تحقق العدالة دون انتقام، وإصدار عفو مشروط لمن لم يرتكب جرائم ضد الإنسانية.

كما أنه من المتصور توفير ضمانات للعودة الآمنة والكريمة للاجئين والنازحين، ولابد من التركيز على المصالحة الوطنية لبناء الثقة بإجراء حوارات وطنية بين مختلف مكونات المجتمع السوري، وبناء هذه الثقة يتطلب وقتًا وقيادة وطنية صادقة.

ويظل في النهاية طرح السؤال الذي يدور في أذهان الجميع حول مدى جاهزية المؤسسات المدنية والإدارية والقضائية لتسلم الحكم بعد انتهاء المرحلة الانتقالية؟!!

قد يهمك