تشهد أمريكا دهشة لا تُصدق. الرئيس ترامب، الرجل الذي انتُخب لخدمة الشعب، يطالب الآن بمبلغ 230 مليون دولار من أموالنا الضريبية من وزارة العدل التي عيَّن فيها بنفسه المسؤولين الرئيسيين. هذا ليس قيادة، بل إساءة خطيرة للسلطة. فواجب الرئيس هو خدمة الشعب الأمريكي، لا إثراء نفسه أو استخدام الحكومة كأداة شخصية لتحقيق المكاسب أو بناء إرثه.
ولكن ما يثير الصدمة أكثر هو ما يحدث داخل البيت الأبيض، بيتنا. إن الرئيس ترامب يهدم جزءًا من البيت الأبيض لإفساح المجال لقاعة رقص فاخرة، وهي مساحة خاصة يخطط لإنشائها ليظل اسمه مرتبطًا بتاريخ المبنى بشكل دائم. وقد وعد بأن هذا المشروع لن يتداخل مع الهيكل القائم للبيت الأبيض. ومع ذلك، نحن جميعًا نعلم أنه بهدم الجدار الأول، يكون الضرر قد وقع بالفعل، سواء على الصعيد المادي أو الرمزي.
كل زاوية في البيت الأبيض تحمل وزن قصة أمريكا. إنه ليس مجرد مسكن؛ بل هو نصب حي للديمقراطية، وانعكاس لشخصية الأمة، وتذكير بأن الرئيس يخدم الشعب لا نفسه. من شجاعة لينكولن الهادئة إلى رؤية كينيدي وتفاؤل ريغان، ظل البيت الأبيض رمزًا للتواضع في الخدمة.
أما الآن، تحت حكم ترامب، فيتحول هذا الرمز إلى نصب لإبراز غرور شخص واحد.
ما يثير القلق أكثر هو الصمت من الذين يجب أن يدافعوا عن تاريخنا: جمعية البيت الأبيض التاريخية وأعضاء الكونغرس. خوفهم أو عدم اكتراثهم في مواجهة هذا الاعتداء على تراثنا أمر غير مقبول. البقاء صامتين بينما يُعاد تشكيل بيت الشعب لتكريم شخص واحد ليس إلا تواطؤًا.
هوس الرئيس ترامب بإرثه ورغبته في نقش اسمه في تاريخ البيت الأبيض يُظهر مدى ابتعاده عن روح الخدمة العامة. يبدو أنه يهتم أكثر بكيف سيتذكره التاريخ، بدلًا من الاهتمام بكيف يعيش الشعب الأمريكي اليوم.
هذا ليس سلوك قائد في ديمقراطية، بل سلوك رجل يعتقد أنه فوق الجميع، حاكم يريد أن يترك أثره ليس من خلال الشرف أو الخدمة، بل من خلال الغرور والهدم.
البيت الأبيض ليس ملكًا لدونالد ترامب، بل ينتمي لكل أمريكي يؤمن بالحرية والكرامة والحقيقة. عندما يستخدم الرئيس أموالنا لتحقيق مصالح شخصية، وعندما يدمر تاريخ الأمة لمجرد مجد الذات، وعندما يُسكت كل من يجرؤ على انتقاده، يتوقف عن كونه رئيسًا ويبدأ بالتصرف كديكتاتور.
لقد حان الوقت لنقول: كفى.
كفى من الغطرسة.
كفى من الأنا المتضخمة.
كفى من تدنيس تاريخنا.
أمريكا أعظم من أي رجل، والبيت الأبيض سيبقى دائمًا بيت الشعب، وليس قاعة رقص لأنا رئيس.
حتى ذلك الحين، يبدو أننا جميعًا يجب أن نستعد للإعلان الكبير التالي:
قريبًا: مار-آ-لاجو الشمالية.