بث تجريبي

واشنطن تصعّد ضد الفصائل العراقية: تصنيف جديد يعمّق المواجهة مع النفوذ الإيراني

أقدمت وزارة الخارجية الأمريكية، اليوم، على خطوة جديدة في سياق استراتيجيتها لمواجهة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، معلنة إدراج أربع جماعات مسلحة عراقية ضمن قائمة “المنظمات الإرهابية الأجنبية”.

القرار شمل كلاً من “حركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، وحركة أنصار الله الأوفياء، وكتائب الإمام علي”، وهي فصائل معروفة بارتباطها المباشر بالحرس الثوري الإيراني، وتحديداً “فيلق القدس” المصنف هو الآخر على قوائم الإرهاب الأميركية.

وقالت الخارجية الأمريكية في بيان رسمي إن هذه الجماعات شاركت في أنشطة تهدد أمن القوات الأمريكية وشركائها الإقليميين، متهمة إياها بتنفيذ عمليات عسكرية وهجمات استهدفت مصالح الولايات المتحدة في العراق والمنطقة. كما استشهد البيان بخطوات مماثلة اتخذتها واشنطن سابقاً ضد جماعات مثل “كتائب حزب الله” المصنفة منذ 2009،

و”عصائب أهل الحق” المصنفة عام 2020، في إشارة إلى أن القرار يأتي في إطار نهج تصعيدي متدرج يستهدف شبكة أوسع من الفصائل العراقية المرتبطة بإيران.

القرار الأمريكي يحمل دلالات سياسية وأمنية متعددة. فمن الناحية العملية، إدراج هذه الجماعات على لائحة الإرهاب يفتح الباب أمام إجراءات قانونية ومالية أكثر صرامة، مثل تجميد الأصول، وفرض عقوبات على الأفراد أو الكيانات المتعاملة معها، وقطع أي قنوات تمويل محتملة عبر المصارف أو الشركات. كما أنه يمنح واشنطن غطاءً قانونياً لأي تحرك عسكري أو استخباراتي ضد هذه الفصائل في المستقبل.

أما من الناحية السياسية، فإن الخطوة تمثل رسالة واضحة إلى طهران بأن الولايات المتحدة ماضية في تضييق الخناق على أذرعها العسكرية بالعراق، في وقت تشهد فيه العلاقات الأمريكية – الإيرانية توتراً متزايداً على خلفية ملفات عدة، أبرزها البرنامج النووي الإيراني والوجود العسكري الأميركي في المنطقة. كما أن القرار يضع الحكومة العراقية في موقف حساس، بين التزاماتها بالحفاظ على علاقات متوازنة مع واشنطن، وبين ضغوط الفصائل المرتبطة بإيران والتي تشكل جزءاً من المشهد الأمني والسياسي في البلاد.

ويذهب محللون إلى أن واشنطن تسعى من خلال هذه الإجراءات إلى رسم خطوط حمراء جديدة في الساحة العراقية، خصوصاً أن الفصائل المصنفة تلعب أدواراً بارزة في إطار “الحشد الشعبي”، وهو مؤسسة شبه رسمية معترف بها عراقياً. وعليه، فإن الخطوة قد تعمّق الانقسام الداخلي بين قوى تدعو لحصر السلاح بيد الدولة، وأخرى ترى في هذه الفصائل “حركات مقاومة” ضد الوجود الأميركي.

في المحصلة، يعكس القرار الأمريكي مزيجاً من الضغط السياسي والأمني، ويؤشر إلى مرحلة جديدة من المواجهة غير المباشرة بين واشنطن وطهران على الساحة العراقية. كما أنه يطرح تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة العراقية على إدارة هذه المعادلة المعقدة، وسط خشية من أن تتحول البلاد مجدداً إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية

قد يهمك