يأتي هذا الحوار لموقع "المبادرة" مع النائب الفائز بانتخابات مجلس النواب المصري مصطفى البنا في توقيت سياسي بالغ الأهمية، مع اقتراب اكتمال مشهد انتخابات مجلس النواب المصري 2025، وما رافقها من تطورات غير مسبوقة أعادت رسم خريطة التمثيل البرلماني.
يتحدث البنا بصراحة عن كواليس العملية الانتخابية، وحالة الجدل التي أعقبت الجولة الأولى، مؤكداً أن تدخل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي شكّل نقطة فاصلة أعادت الثقة للمواطن وصححت المسار.
كما يسلط الضوء على دلالات فوز المستقلين، ونضج وعي الناخب المصري، ويكشف في الوقت ذاته عن أولوياته التشريعية والرقابية داخل البرلمان، واضعاً قضايا المواطن والخدمات والعدالة الاجتماعية في صدارة اهتمامه.
إلى نص الحوار:
*بداية، كيف تصف أجواء انتخابات مجلس النواب المصري 2025، خاصة في ظل ما شهدته من تطورات لافتة؟
- يمكن القول إننا عشنا واحدة من أكثر التجارب الانتخابية أهمية في التاريخ البرلماني المصري الحديث. الجولة الأولى حملت بعض الملاحظات والاختلالات التي أثارت تساؤلات حقيقية لدى الشارع، لكن ما حدث لاحقاً أكد أن الدولة المصرية قادرة على تصحيح المسار، وأن صوت المواطن ليس مجرد شعار، بل قيمة حقيقية تحظى بالحماية.
*البعض وصف تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي بأنه "تدخل تصحيحي حاسم".. كيف تنظر إلى هذا الوصف؟
-أراه توصيفاً دقيقاً للغاية. الرئيس السيسي لم يتدخل لصالح أشخاص أو تيارات، بل انحاز بوضوح لإرادة الناخب المصري. توجيهاته للهيئة الوطنية للانتخابات باتخاذ كل ما يلزم لضمان نزاهة العملية أعادت الثقة للمواطن، وأرسلت رسالة واضحة بأن الدولة لا تقبل أي تشويه للإرادة الشعبية، مهما كان مصدره.
*إلغاء الانتخابات في عدد من الدوائر ثم إعادتها كان خطوة غير مسبوقة.. هل أثرت على المزاج العام؟
- بالتأكيد. قد يظن البعض أن الإلغاء يخلق ارتباكاً، لكن ما حدث هو العكس تماماً. المواطن شعر أن صوته مصان، وأن هناك محاسبة حقيقية. نتائج الإعادة، التي جاءت مختلفة إلى حد كبير، أثبتت أن التدخل كان في محله، وأن الشارع قادر على تصحيح اختياره بحرية كاملة عندما تتوافر النزاهة.
*فوز عدد كبير من المستقلين – وأنت واحد منهم – كان من أبرز ملامح هذه الانتخابات.. كيف تفسر ذلك؟
- هذا انعكاس مباشر لوعي الناخب. المواطن لم يعد منبهراً بالشعارات أو المال السياسي، بل يبحث عن من يمثله فعلاً. المستقلون الذين فازوا، وأنا واحد منهم، اعتمدوا على التواصل المباشر مع الناس، وعلى تاريخ من الخدمة العامة، وليس على دعم تنظيمي مغلق. هذه رسالة مهمة لمستقبل العمل السياسي في مصر. ومرة أخرى أؤكد أن تدخل الرئيس السيسي هنا كان حاسماً، وهو السبب الرئيسي في المسار الحالي.
*كيف تقيّم حالة الهدوء التي صاحبت العملية الانتخابية رغم محاولات التحريض؟
- هذا الهدوء يعكس نضجاً كبيراً في الوعي الجمعي. المصريون مروا بتجارب صعبة خلال السنوات الماضية، وأدركوا ثمن الفوضى. محاولات التحريض ضد الدولة من قبل بعض الأطراف لم تجد آذاناً صاغية، لأن المواطن رأى بعينه أن الدولة تستجيب وتصحح وتحتكم للقانون.
*بعد فوزك بعضوية مجلس النواب، في رأيك ما الأولويات التي يجب أن تكون على أجندة أعضاء المجلس الفترة المقبلة؟
- المجلس القادم سيكون لديه الكثير من الملفات والأولويات، خصوصاً الملفات التي تمس المواطن. أما بالنسبة لي فأولويتي الأولى هي التشريع المنحاز للناس، خصوصاً في الملفات التي تمس حياتهم اليومية، مثل تحسين الخدمات، ودعم الفئات الأكثر احتياجاً، وتطوير منظومة التعليم والصحة. كما أضع على رأس اهتماماتي ملف العدالة الاجتماعية، وضمان وصول الدعم لمستحقيه بشكل عادل وشفاف.
*وماذا عن الدور الرقابي للبرلمان؟
- الدور الرقابي لا يقل أهمية عن التشريع. البرلمان يجب أن يكون عين المواطن داخل مؤسسات الدولة. سأعمل على استخدام الأدوات الرقابية بشكل مسؤول، يهدف إلى الإصلاح وليس التعطيل، وإلى تصويب الأخطاء ودعم الجهود التنفيذية الجادة في الوقت نفسه.
*كيف ترى شكل البرلمان المقبل في ضوء هذه النتائج؟
- أتوقع برلماناً أكثر تنوعاً وحيوية. وجود مستقلين بوزن شعبي حقيقي سيُثري النقاش، ويُقلل من فكرة الصوت الواحد. هذا التنوع، إذا أُحسن إدارته، سيكون في صالح الدولة، لأنه يعكس المجتمع بكل أطيافه، ويُعزز من جودة القرار التشريعي.
رسالة أخيرة توجهها للناخبين؟
- أقول لهم: أنتم أصحاب الفضل الحقيقي. مشاركتكم ووعيكم هما ما صنع الفارق. المسؤولية الآن انتقلت إلينا كنواب، وعلينا أن نكون على قدر هذه الثقة، وأن نُثبت بالفعل قبل القول أن صوت المواطن هو أساس أي بناء ديمقراطي حقيقي.