شهدت مدينة حلب تصعيداً أمنياً خطيراً، إثر هجوم نفذته فصائل مرتبطة بوزارة الدفاع في حكومة دمشق الانتقالية استهدف أحد حواجز قوى الأمن الداخلي في دوار الشيحان، ما أدى إلى إصابة اثنين من عناصر قوى الأمن الداخلي – حلب بجروح متفاوتة.
وبحسب بيانات صادرة عن قوات سوريا الديمقراطية، فإن الهجوم على الحاجز شكّل بداية لسلسلة من الاعتداءات، حيث واصلت الفصائل المهاجمة تصعيدها عبر شن هجوم عنيف بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية، في شمال مدينة حلب، في خطوة وُصفت بأنها تعكس نهجاً تصعيدياً منفلتاً يهدد أمن المدينة وسلامة سكانها.
قصف عنيف
وأفادت البيانات بأن القصف العنيف، الذي استخدمت فيه قذائف الهاون والأسلحة الثقيلة، أسفر عن إصابة خمسة مدنيين، من بينهم طفلة، ما أثار حالة من القلق والخوف بين الأهالي، في ظل استمرار الاستهداف العشوائي للأحياء السكنية المكتظة.
وأكدت قوات سوريا الديمقراطية أن هذا التصعيد يكشف عجز حكومة دمشق عن ضبط الفصائل التابعة لها، محمّلة إياها المسؤولية الكاملة عن الاعتداءات وما يترتب عليها من مخاطر جسيمة تطال حياة المدنيين واستقرار المدينة.
الأهالي يتصدون
وفي المقابل، يواصل أهالي حيّي الشيخ مقصود والأشرفية، إلى جانب قوى الأمن الداخلي، التصدي للهجوم المستمر، واتخاذ كل الإجراءات الممكنة لحماية أنفسهم وأرواح المدنيين، وسط دعوات لوقف التصعيد ومنع انزلاق الأوضاع نحو مزيد من العنف.
ويأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه مدينة حلب حالة من التوتر الأمني، وسط مخاوف من اتساع رقعة الاشتباكات واستمرار استهداف المناطق المدنية، بما ينذر بتداعيات إنسانية خطيرة إذا ما استمر هذا النهج التصعيدي.
وفي وقت لاحق، أعلنت قوات وريا الديمقراطية وفاة مواطنة تدعى فدوى محمد الكردي، 57 عاماً، متأثرة بجروحها نتيجة استهداف أحياء الشيخ مقصود والأشرفية من قبل مسلحي فصائل حكومة دمشق. كما ارتفع عدد الجرحى إلى ستة مدنيين.
نفي لمزاعم حكومة دمشق
وفي بيان لاحق، نفت قوات سوريا الديمقراطية بشكل قاطع الادعاءات الصادرة عن الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لحكومة دمشق حول استهداف أحياء حلب من قبل قوات سوريا الديمقراطية التي سلمت نقاطها لقوى الأمن الداخلي – الأساييش وفق اتفاقية 1 أبريل.
وأكدت أن "التحقيق الواجب يقع على عاتق الفصائل المنقسمة التابعة لحكومة دمشق التي وتفتعل الأزمات منذ أربعة أشهر من خلال حصار أحياء الشيخ مقصود والأشرفية وتكرار الاستفزازات والاعتداءات على المدنيين تحت أنظار أجهزة الحكومة، على الرغم من اتفاقية 1 أبريل".
وأضافت أن "ما يحدث اليوم من قصف للأحياء السكنية هو نتيجة نشاط تلك الفصائل نفسها، خاصة في غرب وشمال حلب، حيث تنطلق الصواريخ بمسارات عسكرية واضحة من نقاط تلك الفصائل باتجاه أحياء المدينة بهدف زعزعة الأمن وإثارة الفتنة".
وتابعت بالقول: "وقد وصلت هذه الفصائل إلى حد جلب الدبابات والمدافع لقصف أحياء الشيخ مقصود والأشرفية في تصعيد خطير يهدد حياة المدنيين واستقرار المنطقة".
إدانة من قبل الإدارة الذاتية
وفي بيان لها، أدانت الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا بأشد العبارات الهجوم الذي شنّته القوات التابعة للحكومة الانتقالية على حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، والذي أسفر عن استشهاد امرأة، وإصابة عدد من المدنيين الأبرياء.
وقالت في بيانها: "إننا نحمّل المسؤولين في الحكومة الانتقالية المسؤولية الكاملة عن هذه الهجمات وما تخلّفه من تداعيات خطيرة، إذ تسهم بشكل مباشر في خلق الفوضى وزعزعة الاستقرار وتعكير الأجواء السورية العامة، في وقتٍ تتطلب فيه المرحلة أعلى درجات الحكمة وضبط النفس والعمل الجاد نحو التهدئة".
وتابعت: "نؤكد أن هذه الهجمات لا تخدم سوى أعداء سوريا، الذين يسعون إلى تقويض المساعي الوطنية الرامية إلى توحيد الخطاب السوري، وإفشال الجهود المبذولة للوصول إلى حل سياسي شامل يلبّي تطلعات السوريين كافة، ونؤكد بان خيار الشعب هو المقاومة".
وأضافت: "كما نشير إلى أن ما جرى ليس المرة الأولى التي تُشنّ فيها هجمات على حيي الشيخ مقصود والأشرفية، في خرقٍ متكرر للتفاهمات والاتفاقات السابقة التي وُضعت بهدف منع التصعيد ووقف الانتهاكات وحماية المدنيين".
وشددت الإدارة الذاتية على أن "هذه الخروقات والتجاوزات، المتمثلة بالاعتداءات المتكررة على الحيين، وسط استمرار الحصار المفروض على الحيين الذين يعيد الى الاذهان ممارسات النظام البعثي البائد، وتدل على اسمرار السياسات ذاتها ضد الشعب، تثير تساؤلات جدّية حول مدى الالتزام الحقيقي بحلّ المسائل العالقة، وحول الجدية في المضي نحو حل شامل يضع سوريا على طريق الأمان، ويحقق آمال وتطلعات الشعب السوري في بناء سوريا ديمقراطية لامركزية، يتمتع فيها جميع السوريين بالحقوق والواجبات على قدم المساواة".
وفي ختام بيانها قالت الإدارة الذاتية: "نؤكد أن مسؤولية إنقاذ سوريا هي مسؤولية جماعية، ونهيب بجميع السوريين والقوى الوطنية السورية تكثيف الجهود والعمل المشترك من أجل الوصول إلى حل شامل وعادل، يضع حدًا لعقود من سياسات التنكيل والتهميش والقتل، والعمل سويًا لبناء وطنٍ يتسع لجميع أبنائه، سوريا حرة، ديمقراطية، لاوركزية، وآمنة".
وأفاد المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية بأن حصيلة القصف الصاروخي وقذائف الدبابات على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب ارتفعت إلى 17 مدنياً جريحاً، واستشهدت امرأة تبلغ من العمر 57 عامًا، جراء هجمات فصائل حكومة دمشق.