بث تجريبي

بدون إحراج/ سيد أبو اليزيد يكتب: تحديات لبناء سوريا

تجدّد الاشتباكات مؤخرًا بمحافظة السويداء قد يهدّد اتفاق الهدنة الهش في أعقاب أحداث العنف التي اندلعت منتصف الشهر الماضي وسقط خلالها عشرات القتلى ومئات الجرحى، وربما الهجوم المسلّح الأخير والذي نفّذته مجموعات مسلّحة قد يهدّد وحدة وسلامة الأراضي السورية في ظل اهتمام الحكومة الانتقالية بالشأن الخارجي على حساب الشأن الداخلي أملًا في تثبيت أركانها
بدون شك أن اعتماد الحكومة الانتقالية على الدعم الخارجي وتصرفاتها في التغاضي عن الانتهاكات الشنيعة التي ارتكبتها قواتها بحق الأهالي رغم تعهّدها بمحاسبة المتورّطين قد يدفع المجتمع السوري للابتعاد عنها يومًا بعد يوم
أدرك أن المجتمع السوري ينتظر من الحكومة الانتقالية تلبية متطلباته من الحاجة لاستقرار الأمن
بربوع البلاد وتوفير احتياجاته المعيشية ولتأمين مستقبله اقتصاديًا بينما نرى أن الأحداث الدامية في كل من السويداء وغيرها من المناطق تُظهر مدى هشاشة الوضع السياسي والأمني
أتصوّر أن الهجمات التي جرت خلال الأيام الماضية للمجموعات الخارجة عن القانون والعصابات المتمرّدة كما تراها الحكومة الانتقالية تنذر بحدوث صدام طائفي يُحطّم وحدة سوريا، فضلًا عن اندلاع دوّامة التوتر والتصعيد والفوضى الأمنية
ولابد من مراعاة التصدّي للخطاب التصعيدي والتحريضي سواء عبر وسائل الإعلام أو التواصل الاجتماعي الإلكتروني لمن يستهدفون إشعال الموقف والقيام بدور يؤدّي لمزيد من التوتر، حيث إن هذا الخطاب لا يؤدّي إلا إلى مزيد من القتال العنيف وربما تدعمه السلطة الحالية أو الموالون لها
لذلك ينتظر المراقبون ما سيسفر عنه اجتماع الأسبوع القادم من مفاوضات مع قوات سوريا الديمقراطية برعاية أمريكية وفرنسية، وخاصة بعد أن ساد الهدوء الحذر ريف حلب بعد اشتباكات ليلية وتصعيد بين الجيش السوري وقوات قسد
من الأهمية التركيز على مناقشة آلية اندماج قسد في الأنشطة الذاتية مع الحكومة الانتقالية رغم طرح البعض لأفكار مفادها تولّي قسد لقيادة المرحلة الانتقالية في سوريا وفق رؤية ديمقراطية ولا مركزية لا تفرّق بين البلاد، والتوافق على عدم تسليم السلاح للدولة قبل تشكيل حكومة انتقالية تشمل كافة المكونات
ومن المهم مراعاة وقف حالة الاستفزاز والاعتداءات المتكرّرة لقوات الحكومة السورية على مناطق التماس بمنطقة دير حافر، والقصف المدفعي الذي تنفّذه فصائلها على مناطق مأهولة بالسكان
وإعادة بناء سوريا الجديدة يتطلّب ضرورة الإسراع بإقامة حوار ديمقراطي واسع وشامل لا يُقصي أي مكوّن من مكونات المجتمع السوري، ومراجعة الدستور الانتقالي والذهاب إلى دستور جديد يشارك في صياغته كافة مكونات المجتمع مع مشاركتهم في الحكومة والبرلمان والحياة السياسية والتوجّه نحو إعداد قانون للانتخابات
ومن هنا لابد من إعادة تقييم للمشهد الداخلي، حيث حالة القلق التي تسود بين مكونات الكرد والدروز والعلويين والمسيحيين والمسلمين من السنّة المعتدلين على مستقبل البلاد
من المؤكّد أن كافة السوريين متّفقون على وحدة سوريا، ولكن التساؤلات التي يُفترض أن نضعها صوب أعينهم هي كيفية الوصول بالمكونات إلى بناء الدولة في ظل تحديات وجود إسرائيل على بعد كيلومترات من دمشق، وتعبيرها من وقت لآخر عن عدم ثقتها بالخريطة السورية الحالية، بجانب امتعاضها من وجود الجولاني، والمطالبة بمنطقة منزوعة السلاح بالجنوب، وعدم وجود تقنيات عسكرية متقدمة، وغياب أذرع إيران من الأراضي السورية، وهو ما تضغط به أمريكا وبريطانيا على تصرفات الحكومة الانتقالية والوصول بسوريا إلى الاتفاق الإبراهيمي في مواجهة تطلّعات النفوذ الإقليمي لبعض الدول، بجانب اهتمام روسيا بالبحث عن مصالحها والمحافظة عليها داخل سوريا، ممّا يتطلّب إعادة النظر في الاتفاقيات وتقييمها
أدرك تمامًا أنه من بين صعوبات المرحلة الانتقالية بسوريا حاليًا ما يتعلّق بالخطاب التحريضي واتهام الحكومة الانتقالية بالتبعية للخارج، وبالتالي يمكن مناقشة رؤية قسد لتشكيل الدولة اعتمادًا على ما لديها من إمكانيات تؤدّي إلى مرحلة التشارك وتحقيق الديمقراطية بتمثيل حقيقي لكافة مكونات المجتمع تفاديًا لتمزيقه إلى خمسة أجزاء.

قد يهمك