بث تجريبي

مجلس الأمن يتبنى مقاربة الحكم الذاتي في الصحراء الغربية .. ماذا يعني ذلك؟

صوّت مجلس الأمن الدولي بأغلبية أحد عشر صوتاً لصالح مشروع القرار الأمريكي الذي يدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية، مجدداً بذلك ولاية بعثة الأمم المتحدة "المينورسو" لعام إضافي، تمهيداً لانطلاق جولة جديدة من المفاوضات بين الأطراف المعنية.

القرار يمثل تحولاً مهماً في الموقف الدولي تجاه النزاع الممتد منذ نصف قرن، إذ لاقى المقترح المغربي دعماً واسعاً داخل المجلس، بينما ترفضه جبهة البوليساريو والجزائر اللتان تصران على حق تقرير المصير للشعب الصحراوي.

يرى مراقبون أن الموقف الأممي يعزز الرؤية المغربية التي تعتبر الحكم الذاتي حلاً واقعياً للنزاع، إذ يمنح سكان الإقليم صلاحيات لإدارة شؤونهم المحلية ضمن سيادة المغرب، مع بقاء الملفات السيادية الكبرى كالدفاع والسياسة الخارجية والعملة بيد الرباط.

في المقابل، عبّرت جبهة البوليساريو عن رفضها القاطع للقرار، معتبرة أنه "انقلاب على الشرعية الدولية" وتفريط في حق الشعب الصحراوي بتقرير مصيره، فيما أكد ممثلها لدى الأمم المتحدة عزم الجبهة على مواصلة "الكفاح التحريري" بكل الوسائل المشروعة.

من جانبه، اعتبر رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات رشيد لزرق أن القرار الأممي يشكل "اعترافاً ضمنياً بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية"، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة ستكون فاصلة في مسار الوحدة الترابية المغربية، بينما تبقى الجزائر –بحسب رأيه– "الطرف الأساسي في النزاع".

الملك محمد السادس رحب بقرار مجلس الأمن، معتبراً أنه بداية "فتح جديد لترسيخ مغربية الصحراء" ودعا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى حوار مباشر لتجاوز الخلافات وبناء علاقات قائمة على الثقة والتعاون.

أما الجزائر، فامتنعت عن التصويت، معتبرة أن النص "لا يعكس روح قرارات الأمم المتحدة التي تؤكد على حق تقرير المصير"، فيما وصف مندوبها لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع القرار بأنه "لا يلبّي طموحات الشعب الصحراوي ولا يعبّر عن العقيدة الأممية لتصفية الاستعمار".

ويعيد القرار الأممي ملف الصحراء الغربية إلى واجهة الدبلوماسية الدولية وسط تغيّر موازين المواقف، بعد أن كرّرت دول كفرنسا وألمانيا وإسبانيا والمملكة المتحدة دعمها للمقاربة المغربية، وأعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يوليو الماضي تأكيد موقف بلاده الداعم لسيادة المغرب على الإقليم.

ورغم استمرار الخلاف حول جوهر الحل بين الرباط والبوليساريو والجزائر، إلا أن اعتماد مجلس الأمن لمقاربة الحكم الذاتي يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من المفاوضات قد تعيد رسم معالم النزاع الأطول في القارة الإفريقية بين الواقع السياسي وطموحات الاستقلال.

 

قد يهمك