في هذا الحوار، نفتح نافذة على المشهد السياسي التونسي مع الناشط السياسي سيف الدين العرفاوي، الناطق باسم حركة "قادرون من أجل تونس" وأحد مؤسسيها، وهي حركة شبابية حديثة التأسيس برزت في سياق سياسي واجتماعي بالغ التعقيد.
يتحدث العرفاوي، لـ"المبادرة"، عن خلفيات نشأة الحركة، ورؤيتها لدور الشباب في مواجهة ما يصفه بحالة العبث والانكسار الجماعي، كما يشرح أبرز مطالبها المتعلقة بإرساء دولة القانون والمؤسسات، وضمان الحريات، وكشف الحقائق الاقتصادية، والتعامل مع الملفات السيادية الحساسة. حوار يسلط الضوء على دوافع الحراك الجديد وحدود رهانه على التغيير السلمي والمسؤول.
إلى نص الحوار:
*بداية، كإطار عام ما هي حركة قادمون من أجل تونس؟
- وُلدت حركة "قادرون من أجل تونس" حركة شبابية مواطنية اجتماعية، انبعثت وخلقت من رحم الظلم، وعبث السلطة، وعبث أنصار السلطة، ومن ممارسات الدكتاتورية وأنصارها. ضد هذه السلطة التي أرست ديكتاتورية موجهة للداخل والخارج. نحن حركة شبابية تصدح بنورها في هذا الظلام وتقول للجميع – معارضة وسلطة – أنها ضد ما حدث قبل 25 جويليه وما بعده – وبالتالي مجموعة كبيرة وشريحة كبيرة من المواطنين التونسيين يحملون روح الشباب في هذه الحركة، ويبنون من أجل مستقبل هؤلاء الشباب، ومواجهة حالة الانكسار الجماعي. وهذا نفسه ما حدث عام 2013 حين تحرك الشباب في مواجهة حركة النهضة الإخوانية، وكان حراكهم ميلاداً لحركة تمرد التونسية. أي جاء إعلانها دفاعاً عن الوطن لا عن الأشخاص. تنطلق الحركة من إيمان راسخ بقدرتها على إنقاذ البلاد، وصناعة مستقبل أفضل للأجيال القادمة، انطلاقاً من قناعة بأن تونس وشعبها لا يستحقان العبث القائم بمصيرهما. وحين نقول قادرون فإننا قادرون على إنقاذ الوطن، قادرون من أجل أجيال المستقبل، وإنهاء العبث، ونتحمل المسؤولية تماماً، نحن لا نهاب إلا القانون.
*إذن ما هي أهم المطالب التي ترفعها حركتكم؟
- تطرح الحركة جملة من المطالب الأساسية، في مقدمتها إحداث المحكمة الدستورية، وهو مطلب شعبي شرعي لا جدال فيه. وتركيز المجلس الأعلى للقضاء، وإحداث وتفعيل المجلس الأعلى للصحافة، نحن أول الدعاة اليوم إلى من يسيرون الدولة بإحداث المجلس الأعلى للصحافة، بما يضمن ترسيخ دولة القانون والمؤسسات وحماية الحريات العامة. كما تطالب الحركة بإعلام الشعب التونسي بحقيقة الوضع الاقتصادي دون تسويف أو تزييف للوقائع، مع تقديم حلول واقعية وعاجلة للأزمات المتفاقمة. وتشدد الحركة على ضرورة تطبيق القانون على جميع المساجين السياسيين دون كيل بمكيالين، وبما ينسجم مع روح القانون التي تجعل من العقوبة السجنية آخر مراحل العقاب، بما يفضي إلى إطلاق سراحهم. هل يعقل اليوم أن قيادات سياسية – نتفق معها أو لا نتفق – تدان بدون قرائن وأدلة ودون تطبيق القانون دون احترام لمواثيق دولية؟، هذا لا يمكن القبول به.
*في بيانكم تتحدثون عن الاتفاقات المبرمة مع دول أخرى، ماذا تقصدون؟
- نعم، تدعو الحركة إلى الكشف عن جميع الاتفاقيات المبرمة، ولا سيما تلك الموقعة مع الجانب الجزائري، والتي قوبلت برفض شعبي واسع، خاصة أنها لم تُعرض على مجلس نواب الشعب. لقد كان هناك امتعاض شديد جداً من أغلبية الشعب التونسي ضد هذه النوعية من الاتفاقيات. حركتنا بصريح العبارة تضع الجميع مسؤوليته، وتريد تطبيق القانون والامتثال له. حركتنا تسير بالتوافق مع مختلف القوى السياسية الموجودة. تمر البلاد اليوم بمرحلة صعبة للغاية سياسياً واقتصادياً وأخلاقياً، لا يمكن لتونس أن تواصل في هذا العبث، وعليه جاءت الحركة قادرون من أجل تونس، ونحن قادرون على ذلك، والأيام المقبلة ستكشف عن أدواتنا في هذا السياق، بما لا يخل أبداً بالقانون ويحفظ أمن واستقرار البلاد.
*أيضاً حسب بيانكم التأسيسي كان لديكم مطالب تخص وجود بعض المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، ما الطلوب هنا؟
- تطالب بالحسم في ملف الأفارقة القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء، الذين يُنظر إليهم باعتبارهم تهديداً للأمن القومي التونسي. بعض هؤلاء يعتدون على المواطنين التونسيين، وبالتالي لا يمكن كذلك القبول بهذا الوضع أبداً. إلى جانب تنفيذ مطالب المواطنين في قابس وتفكيك الوحدات محل الاحتجاج الخاصة بالمجمع الكيميائي، التي تشكل خطراً كبيراً على كل أهالي الولاية وولايات مجاورة خاصة صغار السن، وتسببت في حالات اختناق كثيرة للمواطنين، وتسبب أمراض السرطان. كل المطالب السابقة جعلتنا نسير باتجاه تأسيس هذه الحركة، لا نهدف أبداً إلى العبث بالبلاد وأمنها، وإنما نؤمن بوجود الشباب التونسي وإرادة الشعب التونسي في تطبيق القانون.
*إلى أي درجة تعتقد أن هذه المطالب تعبر عن شريحة واسعة من التونسيين؟
- المطالب التي نتمسك بها ونعلنها هي مطالب أغلبية التونسيين، والشباب التونسي بصفة خاصة، وهي مطالب يجب تحقيقها، وأن تنظر السلطة إليها بعين الاعتبار. ونحن كحركة نتحمل مسؤوليتنا في كل ما سيحدث مستقبل. نحن كحركة لدينا القدرة على المواصلة، ولدينا نفس طويل، وسيكون لنا العديد من التحركات بالتوافق والتشارك مع المنظمات والأطياف السياسية التي ترفض مبدأ الاستبداد وإرساء ديكتاتورية جديدة في تونس. دورنا كسر الانكسار الجماعي، ودورنا أن نثبت أنه مهما حاولت السلطة شيطنة القوى السياسية، تأتي حركتنا لتؤكد أننا قادرون ومواصلون لكسر سردية النظام الحالي لشيطنة أصوات التونسيين. هدفنا أخلاقي، لسنا دعاة عنف أو عبث، أو إدخال البلاد في سيناريوهات لا تحمد عقباها. نقف ضد من أسكت القضاء، وأصوات الصحافة، وأصوات الأحزاب السياسية ليعود إلى رشده، وأن زمن الديكتاتورية انتهى. وهذه البلاد عام 2011 حصل بها ما يفيد وما يقر بأن هذا الشعب لن يسمح بديكتاتورية جديدة، وإن قتلونا أو سجنونا فسيكون لنا ولأولادنا وأحفادنا رأي فيما نقول، وسيواصلون نضالنا.