بث تجريبي

الباحثة السورية نوجين يوسف تحذر: عدم تنفيذ اتفاق 10 آذار بسوريا سيكون له تداعيات خطيرة

يشارف العام الجاري على نهايته، ومعه تنقضي المهلة الزمنية المقررة لتنفيذ بنود اتفاق 10 آذار بين قوات سوريا الديمقراطية وحكومة دمشق الانتقالية، من دون أن تسجل أي خطوات جدية من جانب الأخيرة. بل تستمر سياسة المماطلة والمراوغة، بما يهدد بتحويل الاتفاق إلى فرصة مهدورة جديدة في مسار سوريا ما بعد نظام البعث.

في هذا السياق، حذرت السيدة نوجين يوسف، الباحثة السورية والناشطة في قضايا المرأة، خلال اتصال هاتفي لـ"المبادرة"، من التداعيات الخطيرة على مستقبل الدولة السورية نتيجة عدم تنفيذ هذا الاتفاق، الذي حُددت له مهلة تنتهي مع نهاية العام الحالي من أجل تنفيذ بنوده، إلا أننا اليوم على بُعد أقل من أسبوعين من انتهاء العام، ومن الواضح، وفق كل المؤشرات، أنه لم تُسجل أي خطوة حقيقية إلى الأمام.

أهمية كبيرة

وأوضحت نوجين يوسف أن هذا الاتفاق يكتسب أهمية كبيرة، لأنه يضمن وجود قوات سوريا الديمقراطية ضمن جيش سوريا المستقبلي، كقوة قائمة على الأرض من حيث تنظيمها وإرادتها وقدرتها على مكافحة الإرهاب وتنظيم داعش الإرهابي، إضافة إلى حماية المناطق التي تنتشر فيها.

وأشارت الناشطة والباحثة السورية إلى أن قوات سوريا الديمقراطية تمثل مظلة تضم مختلف المكونات، وهو أمر بالغ الأهمية في ظل الأوضاع التي تمر بها سوريا خلال الفترة الأخيرة، ولا سيما في هذه الأيام التي تشهد تغيرات متسارعة، خاصة بعد مقتل جنود أمريكيين برفقة مترجمهم، وهو ما قد يعيد خلط الأوراق السياسية من جديد.

وبينت أن هذه التطورات قد تؤثر في مستوى الدعم الذي كان من الممكن أن يُقدم للحكومة الانتقالية، سواء من الولايات المتحدة الأمريكية أو من بعض الدول الأوروبية، حيث ستُعاد دراسة هذا الدعم وتقييم مآلاته، الأمر الذي ينعكس سلباً على مستقبل سوريا، ويجعلها عرضة لانتكاسات خطيرة، خصوصاً مع عودة خطر تنظيم داعش، ليس فقط كتنظيم عسكري، بل كفكر وأيديولوجيا، وبأسماء ومسميات مختلفة في المناطق التي تقع تحت حمايتهم.

وأكدت الناشطة السورية والباحثة في قضايا المرأة أن ذلك لن يسمح للحكومة السورية المؤقتة بفرض حاكميتها الفعلية على الأرض، إذ إن تجدد نشاط داعش سيقوض أي سلطة مركزية.

أرضية لبناء سوريا الديمقراطية

 واعتبرت أن اتفاق 10 آذار يشكل أرضية أساسية لبناء سوريا ديمقراطية تضم جميع المكونات، مشيرة إلى أن قوات سوريا الديمقراطية أثبتت خلال السنوات الأربع عشرة الماضية أنها قوة حاكمة على أرض الواقع، سواء من حيث قوتها العسكرية أو دورها كحليف أساسي في محاربة الإرهاب.

ولفتت إلى أن الهجمات السياسية والإعلامية المتواصلة على قوات سوريا الديمقراطية من قبل الحكومة المؤقتة تعكس ضعف هذه الجهات وعدم تقبلها لفكرة بناء سوريا ديمقراطية. وأضافت أنه في حال استمرار هذا النهج، وعدم إتاحة المجال أمام حل تشاركي حقيقي، فإن الموقف المعلن من قبل قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية وسائر المكونات في شمال وشرق سوريا، وحتى في مناطق أخرى كالساحل، هو التمسك باللا مركزية كحل أنسب لجميع السوريين، يتيح لهم التكاتف وإعادة بناء البلاد.

غياب بنية الدولة

وأوضحت أن سوريا اليوم تفتقر إلى بنية دولية داعمة، ولا تمتلك مؤسسات راسخة أو مناهج واضحة أو خططًا مدروسة لإعادة البناء، فضلاً عن التحديات الأمنية، مشيرة إلى أن العمليات الإسرائيلية الأخيرة فتحت المجال أمام مزيد من التغلغل الإسرائيلي داخل الأراضي السورية، بذريعة حماية أمنها، وهو ما يشكل خطراً كبيراً على السيادة السورية.

وختمت بالتحذير من أن عدم تنفيذ اتفاق 10 آذار ستكون له تداعيات خطيرة على سوريا في أكثر من مجال، مؤكدة ضرورة الإسراع في تنفيذ الاتفاق وفق مبادئ المنطقة وخصوصياتها، مع الاعتراف الرسمي بقوات سوريا الديمقراطية، لأن غياب هذا الاعتراف يفقد أي مشروع لدمجها أو لتأسيس جيش وطني قوي قدرته على محاربة الإرهاب وبناء سوريا ديمقراطية تضم جميع مكوناتها، وفي مقدمتها المرأة.

نص اتفاق 10 آذار

ونص الاتفاق بين حكومة دمشق الانتقالية وقوات سوريا الديمقراطية على ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة على أساس الكفاءة، بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية. ويؤكد الاتفاق أن المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية، وتضمن الدولة حقه الكامل في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية، إلى جانب وقف إطلاق النار على كامل الأراضي السورية.

كما يتضمن الاتفاق دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في إقليم شمال وشرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما في ذلك المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز، وضمان عودة جميع المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم مع تأمين حمايتهم من قبل الدولة.

كما يشدد الاتفاق على دعم الدولة السورية في مكافحتها لفلول بشار الأسد، وكافة التهديدات التي تمس أمنها ووحدتها، ورفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين مكونات المجتمع السوري، على أن تعمل اللجان التنفيذية على تطبيق بنود الاتفاق بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي.

تعطيل الملفات الجوهرية

وقد جرى تنفيذ بند وقف إطلاق النار بين الجانبين فعلياً، على الرغم من تسجيل بعض الخروقات والمناوشات المتفرقة من وقت لآخر، كما توصل الطرفان إلى تفاهمات أولية تتعلق بآليات دمج المؤسسات العسكرية والمدنية، إضافة إلى بحث سبل عودة سكان عفرين المهجرين إلى مناطقهم، وفق تصريحات لعدد من المسؤولين بإقليم شمال وشرق سوريا.

إلا أن الحكومة الاننقالية لا تزال تعطل التقدم في الملفات الجوهرية، وفي مقدمتها شكل الدولة، فبينما تؤكد الدلائل والمؤشرات الواقعية أن إقامة دولة ديمقراطية لا مركزية هو الحل الرئيسي لكل مشكلات سوريا، ترفض الحكومة المضي قدماً في هذا المسار. وقد جاء الإعلان الدستوري قبل ذلك لا يوفر أية حقوق للمكون الكردي بشكل فج، والمكونات الأخرى.

 كما تطلق الحكومة الانتقالية العنان أمام مليشيات وفصائل موالية للقيام بأعمال عنف طائفي، كان أبرز معالمها في الساحل والسويداء، ما أثار المخاوف من إمكانية تكرار الأمر في مناطق أخرى. فضلاً عن محاولاتها لاستفزاز قوات سوريا الديمقراطية عبر بعض الهجمات، وخطاب الكراهية الذي لا يتوقف بحق المكون الكردي والمكونات الأخرى.

قد يهمك