بث تجريبي

نيويورك بوست تحذر من الإخوان: جماعة ماكرة وأفكارها ألهمت بن لادن والبغدادي

سلط تقرير لصحيفة «نيويورك بوست» الأمريكية نُشر مساء أمس، الضوء على نشاط تنظيم الإخوان الإرهابي، محذراً من خطورته، حيث وصفها بأنه «جماعة ساحرة في العلن، ماكرة في الخفاء»، محذراً من تعاظم نشاطها بالقرب من حدود الولايات المتحدة الأمريكية، في إشارة إلى كندا. يبدأ التقرير بالإشارة إلى ما وصفه بـ«مذكرة داخلية مروعة»، وضعت جماعة الإخوان من خلالها استراتيجيتها طويلة الأمد لغزو أمريكا الشمالية، من خلال ما وصفته بـ«عملية جهاد حضاري» تهدف إلى «تخريب الحضارة الغربية والقضاء عليها وتدميرها من الداخل».

وذكرت الصحيفة، حسب ما نقلت جريدة «الوطن» المصرية، أن هذه الوثيقة التفصيلية المكونة من 18 صفحة، والتي كُتبت عام 1991، ظهرت إلى العلن عام 2007 خلال محاكمة مؤسسة الأرض المقدسة، وهي أكبر قضية تمويل للإرهاب في تاريخ الولايات المتحدة، منوهة إلى أنه بعد أكثر من ثلاثة عقود، لم تعد استراتيجية الجماعة نظرية، بل بدأت تتحقق فعلياً شمال الحدود الأمريكية، في كندا.

وتقول الصحيفة إن جماعة الإخوان، وهي حركة إسلامية سنية عابرة للحدود أُسست في مصر عام 1928، تلتزم بإقامة خلافة عالمية تحكمها الشريعة، وفق مزاعمها، ورغم أن خطاب الجماعة غالباً ما يُغلف بلغة العمل الخيري والمجتمع المدني، فإن الهدف الحقيقي للإخوان المسلمين يظل الهيمنة الإسلامية — وهو أمر أكده قادتهم مراراً، مقتبسة هنا ما صرح به مؤسس الجماعة حسن البنا ذات مرة حين قال: «إن طبيعة الإسلام هي أن يهيمن، لا أن يُهيمن عليه، وأن يفرض قانونه على كل الأمم، وأن يمد سلطانه إلى كامل الكوكب».

حسب ما تقول الصحيفة أيضاً، فإنه رغم أن الجماعة تخلت عن العنف في سبعينيات القرن الماضي، فإن أيديولوجيتها تُعتبر على نطاق واسع «مرحلة انتقالية» نحو الجهاد العنيف؛ إذ  شكلت تعاليمها الأساس لأفكار جماعات جهادية منها القاعدة، وألهمت إرهابيين سيئي السمعة مثل أسامة بن لادن، ومؤسس تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، كما توفر لها بعض الدول الإقليمية دعماً استراتيجياً كبيراً، ما يمنحها الموارد والشرعية اللازمة لتوسيع نفوذها.

وتتحدث «نيويورك بوست» عن نشاط الإخوان في كندا، وتؤكد أن الحقائق بشأن التنظيم غائبة تقريباً عن النقاش أو الوعي العام؛ إذ جعلت سياسات الهجرة المتساهلة للغاية في البلاد، وروح التعددية الثقافية، والتهاون العام مع التهديدات الأمنية، من كندا أرضاً خصبة لطموحات الجماعة التخريبية. وقد حذرت تقارير الشهر الماضي من أن منظمات مرتبطة بجماعة الإخوان نشطت في كندا لعقود، وتوسعت منهجياً ونشرت أيديولوجيا إسلامية متطرفة دون أي خوف من العواقب.

وفقاً لها، غالباً ما تتظاهر هذه المنظمات بأنها كيانات دينية أو خيرية بريئة، لكنها بنت بنية تحتية واسعة من المساجد والمدارس والمراكز المجتمعية في جميع أنحاء البلاد — بمساعدة كبيرة من أموال دافعي الضرائب. ويُقال إن قيادة الإخوان العليا في كندا شجعت أتباعها على التغلغل في المناصب الحكومية الرئيسية من أجل دفع السياسات بما يتماشى مع الشريعة.

وتؤكد الصحيفة أن هذه الاستراتيجية تعكس عمليات الجماعة في أوروبا — وهناك بدأت السلطات في الانتباه، فقد وصف تقرير حكومي فرنسي مسرّب مؤخراً أنشطة الجماعة في أوروبا بأنها مشروع سياسي يهدف تدريجياً إلى تحويل المجتمعات الديمقراطية من خلال ما أسمته «الغموض الاستراتيجي» للجماعة.

وقد حذّر التقرير من الطبيعة المزدوجة للجماعة — فهي ساحرة في العلن، ماكرة في الخفاء — ومن طموحاتها التي تتعارض جذرياً مع التعددية الديمقراطية، وقد توصلت الحكومة البريطانية إلى استنتاجات مماثلة في مراجعة تحقيق أجرتها عام 2015. أما في كندا، فقد تم تجاهل هذه التحذيرات إلى حد كبير. إذ يخشى السياسيون فقدان أصوات المسلمين التي تزداد أهمية، كما يخشون أن يتم وصمهم بـ"الإسلاموفوبيا"، وهي الكلمة الأكثر رعباً في البلاد.

وحذرت الصحيفة من الطابع المتزايد للتطرف بين الشباب، ما يؤكد قبضة الجماعة المتنامية على المشهد الأيديولوجي، على نحو يشكل تداعيات خطيرة على الأمن القومي الأمريكي، وفقاً لها؛ فالحدود الشمالية المفتوحة، إلى جانب إجراءات الفحص المتساهلة للهجرة في كندا، تخلق منصة مثالية للدعاية المتطرفة العابرة للحدود، والتجنيد — بل وحتى تنفيذ عمليات إرهابية. فعلى سبيل المثال، تم اعتقال مواطن باكستاني العام الماضي أثناء محاولته دخول الولايات المتحدة عبر كيبيك لتنفيذ هجوم جماعي مستلهم من تنظيم داعش ضد الجالية اليهودية في نيويورك.

وأشارت الصحيفة إلى أنه يجري النظر حالياً في مشروع قانون جديد في الكونجرس لتصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية — لكن هذا سيكون عديم الجدوى بالنسبة لأمن أمريكا القاري إذا لم تتخذ كندا الخطوة نفسها، حيث تحتاج أمريكا الشمالية إلى استجابة منسقة بشكل عاجل. وشددت على أنه يجب على الولايات المتحدة أن تضغط على كندا لإدراج واجهات جماعة الإخوان – التي تتظاهر بأنها منظمات دينية وخيرية – على القائمة السوداء، وأن تدقق في أنشطة ناشطيها ومُنظّريها.

واختتمت الصحيفة تقريرها بأنه علاوة على ذلك، ينبغي للسلطات الأمريكية أن تتابع عن كثب مجموعة واسعة من الأنشطة العابرة للحدود التي قد تكون لها صلات بالجماعة، بما في ذلك برامج التبادل الأكاديمي، والفعاليات الخطابية المباشرة، وتحويلات الأصول.

قد يهمك