راهن أغنى رجلين في الهند، موكيش أمباني وجوتام أداني، على بناء علاقة وثيقة مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال ولايته الثانية، غير أن تلك الرهانات تحولت بعد عام واحد إلى أسوأ سيناريو ممكن، في ظل تدهور العلاقات بين نيودلهي وواشنطن إلى أدنى مستوياتها منذ عقود، وفق ما كشفته صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية.
وشهد هذا التحول ضربة مباشرة لمصالح المليارديرين مع قرار ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على السلع الهندية، احتجاجًا على استمرار نيودلهي في استيراد النفط الروسي، وهو ما وجّه ضربة قاسية إلى إمبراطورية أمباني، الذي حققت شركته «ريلاينس إندستريز» أرباحًا تقارب 6 مليارات دولار منذ عام 2022 من تكرير النفط الروسي منخفض السعر وإعادة بيعه إلى الأسواق الغربية.
وفي المقابل، لا يزال جوتام أداني يواجه ضغوطًا قانونية ثقيلة في الولايات المتحدة بسبب قضية رشوة بملايين الدولارات، رغم الآمال التي سادت داخل مجموعته عقب قرار ترامب تعليق العمل بقانون مكافحة الممارسات الأجنبية الفاسدة. إلا أن تلك الآمال تلاشت سريعًا مع استمرار القضايا المرفوعة من وزارة العدل الأمريكية وهيئة الأوراق المالية أمام محكمة نيويورك الشرقية دون أي تغيير، حيث أكدت الهيئة مطلع هذا الشهر أن الحكومة الهندية لم تسلّم حتى الآن استدعاءً قضائيًا لأداني وابن أخيه ساجار.
وبذل المليارديران جهودًا كبيرة لكسب ود الإدارة الأمريكية عبر الضغط السياسي والعلاقات الشخصية، إذ أنفق أمباني نحو 240 ألف دولار على أنشطة الضغط في واشنطن خلال العام الحالي، بينما أنفق أداني ما لا يقل عن 150 ألف دولار على الضغط والنفقات القانونية، وفق إفصاحات مجلس الشيوخ الأمريكي.
وعلى المستوى الشخصي، استقبل أمباني دونالد ترامب الابن في مصفاته بغرب الهند، كما شارك الأخير أنانت أمباني وقتًا في حديقة حيوانات العائلة الخاصة. وجاءت هذه الزيارة قبيل إعلان «ريلاينس» وقف شراء النفط الروسي التزامًا بالعقوبات الأمريكية.
كما حضرت إيفانكا ترامب حفل زفاف أنانت أمباني العام الماضي، ودفع كيان مرتبط بعائلة أمباني 10 ملايين دولار «رسوم تطوير» لمنظمة ترامب، في حين أعلن إيريك ترامب مشاركته في مشروعات فنادق عدة داخل الهند.
من جانبه، استضاف أداني وفدًا من معهد هدسون المقرب من الحزب الجمهوري في منزله بمدينة أحمد آباد خلال أكتوبر الماضي، بعد لقاء الوفد برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في نيودلهي.
ورغم هذه التحركات، أظهرت التطورات أن الفارق في النفوذ الشخصي بين المليارديرين واضح. فقد نقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على تعاملات مجموعة أداني في الولايات المتحدة قوله إن «ترامب حتى لا يعرف من نحن»، فيما أوضح بهاسكار تشاكرافورتي، عميد الأعمال العالمية بجامعة تافتس، أن أداني لم يبنِ علاقة شخصية مع ترامب، بل اكتفى بالوسطاء القانونيين ومجموعات الضغط، ما سهّل على ترامب تجاهل قضاياه القانونية.
في المقابل، نقلت الصحيفة عن رجل أعمال مقرب من أمباني أن الأخير لا يزال يحظى بتقدير شخصي من ترامب، مشيرًا إلى أن عائلة أمباني تعمل على توسيع نفوذها داخل الولايات المتحدة.
وكانت الحكومة الهندية والمليارديران يعتقدون أن العلاقة الخاصة بين ترامب ورئيس الوزراء ناريندرا مودي ستوفر أرضية صلبة لتحالف استراتيجي واسع، غير أن الحسابات انهارت مع فرض الرسوم الجمركية، وتراجع التواصل السياسي بين الزعيمين، إضافة إلى تحسن علاقة ترامب مع باكستان، وانتقاداته المتكررة لتأشيرات العمل التي يعتمد عليها آلاف الهنود المؤهلين للعمل في الولايات المتحدة.
وخلص بيل دريكسل، خبير الشؤون الهندية في معهد هدسون، إلى أن الافتراضات الأولية بأن الروابط التجارية ستعزز العلاقات السياسية ثبت خطؤها بالكامل، مؤكدًا أن الإدارة الأمريكية الحالية لا تولي الهند الاهتمام الكافي، خاصة على المستويات العليا من صنع القرار.