بث تجريبي

"المرأة حجر الأساس لتحرير المجتمعات لدى عبدالله أوجلان .. والكرديات رمز عالمي للتحرر"

جعل القائد آبو المرأة ركناً أساسياً في فلسفته لتحرير المجتمعات، وهو ما تؤكده الباحثة السياسية المصرية الدكتورة ياسمين السبع، التي أشادت كذلك بتجربة المرأة الكردية النضالية.

في حوار لها، أشادت الباحثة السياسية المصرية الدكتورة ياسمين السبع بالمكانة التي أولاها القائد عبدالله أوجلان للمرأة في فلسفته، باعتبارها حجر أساس تحرر المجتمع، مشيرة إلى أن فكرة الرئاسة المشتركة التي تبنتها الإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا كانت ترجمة مؤسساتية لهذا الفكر.

وثمنت الدكتورة ياسمين السبع كذلك تجربة المرأة الكردية سواء في مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي، أو في مواجهة الاحتلال التركي، معتبرة أنه الكرديات تحولن إلى رمز عالمي للنضال. كما تطرقت إلى مفهوم الأمة الديمقراطية عند القائد آبو كبديل للدولة القومية، ومصطلح يرتكز على بنود سامية ومشروعة.

وإلى نص الحوار:

*بداية، كيف ترين مكانة المراة في فلسفة القائد عبدالله أوجلان؟

- يرى عبد الله أوجلان أن تحرر المرأة حجر الأساس لتحرر المجتمع. يصفها بأنها "الطبقة الاجتماعية الأولى التي استُعبدت" و"المستعمرة الأولى في التاريخ"، ويعتبر أن كل أنظمة القمع، من الدولة القومية إلى الرأسمالية، بُنيت على أساس إخضاع المرأة. وفي اعتقادي أنه محق تماماً وأنه لا حرية ولا ديمقراطية للشرق الأوسط بدون حرية المرأة الكاملة غير المجتزأة.

*⁠ما الفرضيات التي بنى أوجلان عليها نظرته للمراة؟

- إن العبودية الأولى في التاريخ كانت عبودية المرأة، قبل الطبقات والاقتصاد، وأن النظام الذكوري الأبوي هو أصل التسلط والهيمنة، ربما يكفي للتأكد من ذلك الاطلاع على إحصائيات المنظمات العالمية، والتي يأتي على قوائمها أعداد النساء اللواتي تعرضن للعنف حول العالم بشكل عام وفي الشرق الأوسط بشكل خاص. وأيضاً حصر المرأة في جسدها بيولوجياً سواء كان من خلال حصرها في دورها الأمومي الذي على عظمه، إلا أنه لا يمكن حصرها فيه فقط أو من خلال استخدام جسدها بشكل جنساني بحت. وقد أخرج أوجلان المراة من ماديتها البشرية ووصفها بأنها طاقة متجددة ومتدفقة للحياة، ربما هو محق في ذلك لأنها تهب الحياة.

*⁠كيف عكست فكرة الرئاسة المشتركة لدى الإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا هذه الفلسفة؟

- فكرة الرئاسة المشتركة (امرأة ورجل في كل موقع قيادي) هي ترجمة مؤسسية لفلسفة أوجلان، حول التوازن الجندري، هي ليست رمزية فقط، بل تشترط مشاركة فعلية في اتخاذ القرار والقيادة، مما يؤدي إلى القضاء على الهيمنة الذكورية في الحكم والتنظيم. وتمكين النساء سياسياً واجتماعياً وتمثيلهن لأنفسهن دون عوائق أو وساطة ذكورية. ولضمان أن أي نظام ديمقراطي لا يمكن أن يكون ذكورياً في بنيته، وقد شاهدنا التنفيذ بالفعل في شمال وشرق سوريا.

*⁠كيف ترين دور المرأة الكردية خاصة في الأوقات الصعبة كمواجهة الإرهاب والاحتلال التركي؟

- المرأة الكردية تحولت إلى رمز عالمي للمقاومة والتحرر، خاصة من خلال وحدات حماية المرأة (YPJ) في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي والاحتلال التركي؛ حيث كانت المرأة في الخط الأمامي، عسكرياً وسياسياً وثقافياً، وشكّلت صورة المقاتلة والمفكرة التي تتحدى ليس فقط العدو الخارجي بل أيضاً النظام الذكوري الداخلي لتكسر بذلك أنماطاً عديدة من العادات والتقاليد المتوارثة على مر التاريخ. وخرجت المرأة الكردية من الدفاع عن قضيتها بشكل خاص لتصبح قضية الدفاع عن المرأة في الشرق الأوسط ككل. مما يجعل الفكرة تخرج من طابعها الفردي لتخدم الجماعة وليس العرق، وهذا يشكل نموذجاً نسوياً ثورياً جديداً في الشرق الأوسط.

*⁠الحديث عن مكانة المرأة يجرنا للحديث عن مفهوم الأمة الديمقراطية لدى القائد آبو، كيف ترين هذا المفهوم؟

- الأمة الديمقراطية عند أوجلان هي بديل للدولة القومية، وترتكز على بنود سامية ومشروعة؛ أولها التعددية العرقية والدينية والتي إن تحققت في الشرق الأوسط فيمكن القول إن الحروب الأهلية والطائفية والعنصرية في الشرق الأوسط عهداً بائداً حينها. وثاني بنود الأمة الديمقراطية هي اللامركزية الإدارية والتي تجعل أكبر عدد ممكن قادراً على المشاركة في الحكم. وثالث بنودها الاقتصاد التشاركي والذي إن تحقق فسيكون الضربة القاسمة لنظام الرأسمالية المهيمن وسوف لن يعاني الأغلبيه من الفقر. أما رابع البنود فهي العدالة البيئية ومصادقة البيئة والرأفة بالحيوانات والنباتات، والتي من شأنها أن تقلل الأمراض بنسبة كبيرة جداً، وبالتالي تقلل من الدخل الذي تدره هذه الأمراض على أصحاب شركات الأدوية الرأسمالية أيضاً. وبالتأكيد ستساهم في جودة حياة أعلى كثيراً وربما تساعد في عمر أطول للإنسان. أما خامس البنود فهي المساواة الجندرية، ربما إذا تحققت باتت صفحات الصحف فارغة من حوادث الاعتداء على النساء اليومي والمتكرر في جميع أنحاء دول الشرق الأوسط.

*البعض قد يرى أن هذه يوتوبيا نظرية، ما تعليقك؟

- في الحقيقة ربما يظن المتلقي أنها يوتوبيا، إلا أن كل شيء يبدو مثالياً بشكل نظري إن تم تطبيقه قدر المستطاع سينتهي به المآل إلى صورة منطقية بشرية مقبولة لا تخل من الثغرات، فلا هي جزء من الجنة ولا هي هذا الجحيم الذي ينال من المرأة بشكل خاص.

*أخيراً، إلى أي مدى يمكن أن تساهم فلسفة القائد أوجلان في المساعدة على حل إشكاليات وقضايا الشرق الأوسط؟

- فلسفة أوجلان تقدم إطاراً تحررياً جذرياً، وتُعيد تعريف السلطة من الأسفل إلى الأعلى، وتُركز على المجتمع بدلاً من الدولة، وتُعيد الاعتبار للمرأة، والبيئة، والمجتمع المحلي حتى يمكن العيش بأقل قدر من الحروب والنزاعات والفتن الطائفية والأمراض أيضاً. و تُوفر بديلاً حقيقياً للأنظمة الاستبدادية والاحتلال الذي ليس بالضرورة أن يكون عسكرياً. وقد شاهدنا جميعاً ما آلت إليه تلك الأنظمة في ظل أحداث الشرق الأوسط الأخيرة. ورغم التحديات السياسية فإن فلسفة أوجلان تمثل مشروعاً لبناء شرق أوسط تعددي، عادل، ومتحرر، إن وجدت الظروف السياسية والمجتمعية المناسبة لتطبيقها الأوسع فستكون مرحلة ذهبية لاتحاد دول الشرق الأوسط التي ربما ستنتهي معه أغلب مشاكله.

قد يهمك