بث تجريبي

دافع عن كرامتها.. البابا فرنسيس ومسيرة تمكين المرأة في الكنيسة

سلّط البابا فرنسيس، خلال حبريته التي امتدت 12 عامًا منذ عام 2013، الضوء على مكانة المرأة في المجتمع والكنيسة، وواجه الهيكل الأبوي المتجذّر في المؤسسة الفاتيكانية بسلسلة من الإصلاحات الجريئة.

وشكّلت مشاركته النساء في سينودس عام 2024 خطوة غير مسبوقة، حيث منح 57 امرأة حق التصويت من أصل 368 مشاركًا، في ملتقى كنسي اعتاد أن يكون حصريًا على الذكور، وفقًا لموقع "ذا كونفرزيشن" الإخباري.

اتخذ البابا قرارات تاريخية عززت حضور النساء في أعلى هياكل الكنيسة، من خلال تعيين قرابة 20 امرأة في مناصب قيادية داخل الفاتيكان، من أبرزهن الراهبة الإيطالية سيمونا برامبيلا، التي أوكلت إليها إدارة إحدى دوائر الفاتيكان.

وشجّع بشكل خاص على انخراط النساء في الكوريا الرومانية (الهيئة الحاكمة للكنيسة الكاثوليكية)، كما دعا إلى إشراكهن في مجال اللاهوت ودراسته وتدريسه، وهو مجال طالما ظلّ حكراً على الرجال.

وأكّد البابا أن النساء ما زلن يعانين من تهميش كبير، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الكنائس المحلية لا تستثمر الإمكانيات التي تتيحها مشاركة النساء، ما يعيق تحقيق العدالة داخل المؤسسة الكنسية.

عكست السيرة الذاتية للبابا، الصادرة في يناير الماضي تحت عنوان "الأمل: السيرة الذاتية للبابا فرنسيس"، رؤيته العميقة لتمكين المرأة، حيث وصف إشراكها في أدوار قيادية داخل الكنيسة بأنه "تحدٍّ مُلحّ"، ووسيلة ضرورية "لنزع الطابع الذكوري" عن الكنيسة.

ورغم دفاعه الصريح عن المرأة ورفضه للتمييز الذي تواجهه في المجتمع، إلا أن البابا أثار الجدل بتصريحاته حول النسوية المعاصرة، التي وصفها بأنها "أيديولوجيا النوع الاجتماعي" و"ذكورية مفرطة بوجه أنثوي".

وردًا على مطالب النساء بالسماح لهن بالكهنوت، قال لطلاب جامعة لوفان الكاثوليكية في بلجيكا: "المرأة أهم من الرجل، لكن من المرعب أن ترغب المرأة في أن تكون رجلاً".

وقد أثارت تلك التصريحات انتقادات واسعة، حيث أصدرت الكلية بيانًا أعربت فيه عن استيائها من وصف البابا، معتبرة تصريحاته "محافظة"، لكن فرنسيس دافع عن موقفه، قائلاً: "إضفاء طابع الذكورة على المرأة لا يليق بالبشر. النساء أهم من الرجال، وقد قلت هذا مرارًا".

لم تكن قضايا النساء بعيدة عن وجدان البابا منذ طفولته. فخورخي ماريو بيرجوليو، الطفل القادم من حي شعبي في بوينس آيرس، أحب زميلته أماليا دامونتي في سن المدرسة، وكتب لها رسالة يعرض فيها الزواج، مرفقة برسمة لبيت أحلامهما.

وفي سن المراهقة، وبينما كان يتناول الغداء في بيت جديه، خاض جدالًا حادًا مع عمه الثري بعد أن وصف هذا الأخير إيفا بيرون، السيدة الأولى السابقة، بأنها "امرأة سيئة السمعة" فقط لأنها كانت ممثلة.

لكن الشاب خورخي، الذي أُعجب بنضال بيرون من أجل الفقراء، رد بعفوية قائلاً: "لكنها تساعد الفقراء. ماذا تفعل أنت للفقراء؟"، قبل أن يصب قارورة صودا على وجه عمه، في موقف طريف سجّلته صحيفة "إيريش تايمز".

رغم التناقضات التي وُجه بها البابا فرنسيس بين دعمه للمرأة ومعارضته لبعض المطالب النسوية، يبقى اسمه مرتبطًا بإصلاحات حقيقية داخل الفاتيكان، أزالت كثيرًا من الحواجز التي أعاقت مشاركة المرأة، وفتحت أمامها آفاقًا جديدة في قلب المؤسسة الكنسية.

 

قد يهمك