بث تجريبي

بعد مأساة لا تُنسى .. قصة انتصار مدينة شنكال على داعش في 13 نوفمبر

تحل اليوم الثالث عشر من نوفمبر الذكرى العاشرة لتحرير مدينة شنكال بالعراق من تنظيم داعش الإرهابي، التحرير الذي جاء بعد عام من واحدة من أبشع الجرائم التي شهدها التاريخ بحق الإيزيديين والإنسانية، الذين تعرضوا في الثالث من آب عام 2014 لمجازر مروعة سعت لإبادتهم جسدياً وثقافياً.

غير أن الإيزيديين الذين نهضوا من تحت الركام، أعادوا تنظيم أنفسهم سياسياً واجتماعياً وعسكرياً، وأصبحوا اليوم نموذجاً للصمود والإرادة الحرة، قادرين على حماية مدينتهم ومستقبلهم بأنفسهم.

بداية المأساة

بدأت المأساة في الثالث من أغسطس 2014، حين انسحب الجيش العراقي وأكثر من عشرة آلاف من مسلحي الحزب الديمقراطي الكردستاني بشكل مفاجئ، تاركين الإيزيديين وجهاً لوجه أمام مرتزقة داعش الذين اقتحموا المدينة وارتكبوا إبادة جماعية راح ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف إيزيدي، فيما اختُطف أكثر من خمسة آلاف امرأة وفتاة، وتعرض أكثر من ألف وخمسمائة منهن للاغتصاب، وبِيعت المئات في أسواق النخاسة في سوريا والعراق وتركيا. كما شُرّد أكثر من ثلاثمائة وخمسين ألف شخص من منازلهم وقراهم.

في تلك اللحظات المظلمة، أعلن القائد العام لما يعرف بمركز قوات الدفاع الشعبي وقتها مراد قره يلان إرسال قوات الكريلا إلى شنكال لحمايتها، كما تحركت وحدات حماية الشعب والمرأة في شمال وشرق سوريا وفتحت ممراً إنسانياً لإنقاذ عشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين في الجبل، وبذلك أفشلت خطة الإبادة التي كان داعش يهدف إليها.

بعد الكارثة

بعد الكارثة، قرر الإيزيديون الاعتماد على أنفسهم وعدم تكرار التجربة المريرة التي تعرضوا لها، فأسسوا في أواخر عام 2014 "وحدات مقاومة شنكال" في نوفمبر 2015، وبالتعاون مع قوات الكريلا، تمكنت هذه الوحدات من تحرير مدينة شنكال بالكامل من تنظيم داعش، في يوم تحوّل إلى رمز للمقاومة والانتصار لدى الإيزيديين.

ومع التحرير، بدأ الإيزيديون بتنظيم حياتهم على أسس جديدة. ففي عام 2015 أعلنوا تأسيس "المجلس التأسيسي الإيزيدي، الذي تحوّل لاحقاً إلى "مجلس الإدارة الذاتية الديمقراطية لشنكال" عام 2017. وفي حزيران 2016 شُكِّل “حزب الحرية والديمقراطية الإيزيدية”، تلاه تأسيس "أسايش إيزيدخان" في يوليو من العام ذاته لتأمين المدينة.

كما أنشأوا "مجلس النساء الإيزيديات" الذي تطور في سبتمبر 2016 إلى "حركة حرية المرأة الإيزيدية"، إلى جانب افتتاح المدارس والأكاديميات لتعليم اللغة والثقافة الإيزيدية وتعزيز الهوية المجتمعية.

اعتداءات مستمرة

لكن القوى التي تخلت عن شنكال لم تتوقف عن محاولات النيل من إرادتها. فبعد فشل مخطط داعش، بدأت دولة الاحتلال التركي باستهداف المنطقة بطائراتها، في حين فرض الحزب الديمقراطي الكردستاني حصاراً خانقاً عليها، وسعت حكومة بغداد إلى بسط سيطرتها مجدداً.

وفي التاسع من أكتوبر 2020، وقّعت حكومة بغداد والحزب الديمقراطي الكردستاني، بتحريض تركي، اتفاقاً يهدف إلى إنهاء تجربة الإدارة الذاتية في شنكال، لكن الإيزيديين واجهوا تلك المحاولات بصمودهم وتنظيمهم الذاتي.

واليوم، في الذكرى العاشرة لتحرير شنكال، يثبت الإيزيديون أنهم تجاوزوا مرحلة المأساة، ونجحوا في بناء مؤسساتهم السياسية والعسكرية والاجتماعية والثقافية، ليؤكدوا أن إرادتهم الحرة أصبحت الحصن الحقيقي لحماية مدينتهم، وأن شنكال التي انتصرت على داعش قبل عشر سنوات لا تزال تنتصر كل يوم بالإصرار على الحياة والكرامة.

فيما يتمسك أبناء شنكال بضرورة الاعتراف بالإبادة الجماعية التي تعرضوا لها سواء داخلياً أو خارجياً، فضلاً عن الاعتراف بحقهم في الإدارة الذاتية.

قد يهمك