في ظل استمرار النزاع المسلح في السودان منذ أكثر من عامين، تتصاعد الأصوات المطالِبة بتمكين النساء السودانيات من المشاركة الفاعلة في عمليات التفاوض وصنع القرار السياسي، وسط انتقادات لضعف تمثيلهن في المبادرات الإقليمية والدولية، خاصة المبادرة الرباعية التي تسعى لإنهاء الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
أكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد، أن النساء في السودان يعانين من تراجع حاد في حضورهن بمسارات التفاوض، رغم أنهن الأكثر تضررًا من النزاع.
وأوضحت أن النساء يدفنّ أحبّاءهن ويعشن ويلات الحرب، ومع ذلك لا تتجاوز نسبتهن “واحدة بين كل عشرة مفاوضين”، مشيرة إلى أن مشاركة النساء في محادثات السلام تجعل الاتفاقات أكثر عدالة واستدامة.
وأشارت إلى أن المبادرة الرباعية لم تشهد في بداياتها أي تمثيل نسوي حقيقي، ما دفع ناشطات سودانيات للمطالبة بإشراك النساء منذ المراحل الأولى لأي حوار سياسي أو تفاوضي.
أكدت الناشطة رابحة إسماعيل محمد، أن كل المبادرات السابقة افتقرت إلى مشاركة فعلية للنساء، مشددة على ضرورة أن تبدأ مشاركتهن من مرحلة تأسيس المبادرات وآليات التفاوض، مع ضمان التمثيل الشامل للنساء في المجتمعات المحلية ومعسكرات النزوح.
كما دعت إلى توفير دعم اقتصادي وبرامج تدريب لتعزيز دور النساء في مفاوضات السلام، مؤكدة أن أي إقصاء مستقبلي سيقوض فرص الاستقرار في السودان.
حذّرت الناشطة نعمات كوكو محمد، منسقة المنصة النسائية السودانية، من اختيار شخصيات لا تمثل القواعد النسوية الحقيقية، معتبرة أن ذلك سيؤدي إلى “إعادة إنتاج الأزمة السياسية”، وأشارت إلى أن المبادرة الرباعية لن تنجح دون رؤية سودانية خالصة تشمل النساء من مختلف الفئات والمناطق.
أما رحمة عتيق الكنزي من شبكة النساء السودانيات، فأكدت أن النساء في السودان يضطلعن بدور مزدوج كضحايا وفاعلات، إذ يتحملن مسؤولية إعالة الأسر وتقديم المساعدات للمجتمعات المنكوبة. وأشارت إلى أن النساء أسسن تحالفات مدنية تهدف إلى صياغة أجندة نسوية موحدة تضمن لهن موقعًا في طاولات التفاوض الرسمية.
من جانبها، شددت أميرة عثمان، رئيسة مبادرة “لا لقهر النساء”، على ضرورة بلورة رؤية نسوية شاملة لمعالجة جذور الحروب ومنع تكرارها، مؤكدة أن الحضور الرمزي للنساء لم يعد مقبولًا، وأن السلام العادل والمستدام يتطلب تمثيلًا حقيقيًا للنساء في كل مراحل العملية السياسية.
تاريخيًا، ظلت النساء السودانيات مهمشات في مفاوضات السلام، كما حدث في اتفاقية جوبا التي وُقعت دون مشاركة فعالة منهن، مما أفرز نتائج غير متوازنة. ومع تصاعد الحرب الحالية، أصبحت الحاجة إلى إدماج النساء في عمليات السلام أكثر إلحاحًا، خاصة أنهن يتحملن العبء الأكبر من تبعات النزاع.