تشدد مسؤولات شؤون المرأة وناشطات حقوقيات في نينوى على أن العنف الموجّه ضد النساء ما زال يمثل واحدًا من أخطر التحديات الاجتماعية في المحافظة، في ظل الارتفاع الملحوظ في حالات الطلاق والعنف الأسري والانتحار والزواج المبكر. وتؤكد الجهات المعنية أن استمرار هذه المؤشرات يستدعي تكثيف برامج التوعية وتفعيل منظومة الحماية والتمكين لضمان معالجة أكثر فاعلية لهذه الظواهر.
ويأتي ذلك بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة الذي يصادف 25 نوفمبر من كل عام، وهو يوم خُصص لرفع الوعي العالمي إزاء ظاهرة العنف القائم على النوع الاجتماعي، والذي تصفه الأمم المتحدة بأنه “جائحة عالمية”.
تندرج هذه الجهود ضمن حملة الستة عشر يومًا العالمية لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، والتي بدأت عام 1991 ويشارك فيها أكثر من 3700 منظمة حول العالم.
ورغم الجهود الدولية، تشير تقارير ميدانية إلى أن معدلات العنف ضد النساء في العراق، ولا سيما في نينوى، ما تزال مرتفعة بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والمخدرات وتداعيات الحرب وظروف ما بعد داعش.
أكدت مديرة قسم شؤون المرأة في ديوان محافظة نينوى رافعة محمد سعيد أن ملف مناهضة العنف ضد المرأة يمثل أولوية قصوى للقسم، مشيرة إلى أن فريق العمل المشترك يضم محكمة استئناف نينوى، والأجهزة الأمنية، والشرطة المجتمعية، إضافة إلى منظمات مدنية وحقوقية.
وقالت إن القسم ينفذ حملة توعية وتثقيف خلال فترة الـ16 يوماً، لرفع الوعي بقضية العنف وطرق الحماية والدعم النفسي والقانوني.
كشفت مديرة القسم عن أرقام مقلقة خلال العام الجاري، أبرزها، أكثر من 600 حالة طلاق شهريًا، وارتفاع ملحوظ في الزواج المبكر.
تسجيل 100 حالة انتحار هذا العام أغلب ضحاياها من النساء، ما بين 70 إلى 100 حالة عنف أسري شهريًا.
وترى أن هذه الأرقام مرتبطة بشكل مباشر بآثار مرحلة احتلال داعش، وما خلفته من صدمات نفسية واجتماعية ما تزال تؤثر على المجتمع الموصلي.
وكشفت المسؤولة عن تأسيس دار خاصة للمعنّفات سيتم افتتاحها مطلع العام المقبل لتوفير ملاذ آمن للنساء المتعرضات للعنف الأسري.
كما أشارت إلى تنظيم مؤتمر توعوي جديد خلال الأيام المقبلة، بالتعاون مع مؤسسات أمنية ومدنية وشيوخ عشائر ورجال دين، لتوسيع جهود نشر ثقافة التسامح.
وأضافت أن خطة المرأة العراقية الممتدة من 2018 إلى 2030، وبالشراكة مع منظمات دولية ضمن إطار القرار الأممي 1325، تستهدف تعزيز مشاركة المرأة في الأمن وصنع القرار واستعادة دورها في مرحلة ما بعد النزاعات.
من جانبها، أكدت الناشطة النسوية سناء محمد أن المرأة الموصليّة تمكنت خلال السنوات الأخيرة من تحقيق استقلال اقتصادي ملحوظ، ودخول سوق العمل، وإطلاق مشاريع خاصة، إضافة إلى حضورها المتنامي في الحياة السياسية والاجتماعية.
وترى أن ما تعرضت له المرأة من عنف واضطهاد خلال فترة داعش منحها قوة إضافية ودافعًا للانخراط في العمل العام وإثبات الذات.
ورغم أن الدستور العراقي لعام 2005 يكفل للمرأة حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إلا أنها لا تزال تواجه تحديات كبيرة بسبب الأعراف الاجتماعية والموروث العشائري والعنف المتزايد وضعف إنفاذ القوانين، ما يجعل الواقع بعيدًا عن النصوص الدستورية.