قيّمت الصحفية بيريتان ساريا، في 25 تشرين الثاني، اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، واقع المرأة في العام الرابع عشر من ثورة روج آفا، مؤكدة في حديثها، أن هذه الثورة تُعد في جوهرها ثورة المرأة بامتياز.
وأوضحت أن النساء، منذ عام 2012، نظمن أنفسهن في مختلف مجالات الحياة، من قوات الدفاع الذاتي إلى المجالس الشعبية والكومونات والإدارة الذاتية، على أساس نسبة 50% ونظام الرئاسة المشتركة، مشددة على أن النساء كنّ القوة الحاسمة التي هزمت تنظيم داعش للمرة الأولى خلال مقاومة كوباني.
وقالت ساريا إن ثورة روج آفا صمدت خلال 14 عاماً بفضل التضحيات الجسيمة والإصرار الشعبي، مؤكدة أن أقوى تعريف لهذه الثورة هو كونها ثورة النساء اللواتي هزمن داعش.
وأضافت أن انبثاق ثورة نسائية في جغرافيا يسودها التعصب الديني والقومية المتطرفة والرأسمالية الذكورية، شكّل حدثاً تاريخياً نادراً، وفتح أفقاً جديداً للتحرر والديمقراطية في الشرق الأوسط.
وأشارت بيريتان ساريا إلى أن ثورة روج آفا هي بالأساس نتاج أكثر من 20 عاماً من نضال القائد عبدالله أوجلان في سوريا، ونضال حركة التحرر الكردستانية، ولا سيما حركة تحرر المرأة.
وبيّنت أن أفكار القائد آبو أثّرت في مختلف مكونات المجتمع من كرد وسريان وأرمن وعرب، وأسهمت في بناء وعي مجتمعي جديد بدور المرأة الريادي، حيث انخرطت النساء منذ ثمانينيات القرن الماضي في التدريب والتنظيم والعمل الشعبي، واكتسبن ثقة المجتمع تدريجياً.
ولفتت ساريا إلى أن المرأة كانت في مقدمة الصفوف منذ المراحل الأولى للثورة، سواء خلال تأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي عام 2003، أو اتحاد ستار عام 2005، أو مع انطلاق الثورة عام 2011.
وأكدت أن أولى المؤسسات التي تأسست مع الثورة كانت "دار المرأة"، تلتها مشاركة النساء في قوات الدفاع الذاتي، وصولاً إلى تأسيس وحدات حماية المرأة (YPJ) رسمياً في 4 نيسان 2013، كأول قوة نسائية منظمة من نوعها في العالم.
وأضافت أن تنظيم داعش تلقى أولى هزائمه الكبرى في كوباني، حيث لعبت النساء دوراً حاسماً في المقاومة، في ظروف شديدة القسوة وقلة الإمكانات، ما شكّل بداية النهاية لأخطر تنظيم ذكوري متطرف في العصر الحديث.
وأكدت أن هذه التجربة عززت ثقة المجتمع بقوة المرأة، وأسهمت في بروز ثورة المرأة العربية إلى جانب الكرديات والسريانيات والأرمنيات والتركمانيات، في إطار نموذج الحياة الحرة المشتركة.
وبيّنت ساريا أن قوة ثورة نساء روج آفا تكمن في تنظيم النساء في جميع المجالات، من الدفاع العسكري عبر YPJ، إلى التعليم الأيديولوجي، وحماية الثقافة النسائية، والعمل السياسي والاقتصادي بنظام الرئاسة المشتركة.
وأشارت إلى أن الإدارة الذاتية، التي تأسست عام 2014، أقرت قوانين تضمن حقوق المرأة، ونص العقد الاجتماعي على أن حرية المرأة هي المعيار الأساسي للإدارة، وتم تجديد هذا المبدأ في أعوام 2016 و2020 و2023.
وأوضحت أن كل هذه التحولات تحققت في ظل ظروف الحرب والاحتلال، حيث تعرضت مناطق واسعة مثل عفرين (2018) وسري كانيه وكري سبي (2019) للاحتلال التركي، وتحولت، بحسب وصفها، إلى مراكز للتطهير العرقي والانتهاكات الجسيمة بحق النساء.
وأكدت بيريتان ساريا أن نظام بشار الأسد لم يكن يوماً علمانياً أو تقدمياً، مشيرة إلى استمرار التمييز الجنسي في القوانين والدستور، لكنها شددت على أن ما أعقب سقوطه في بعض المناطق كان أكثر رجعية وعداءً للمرأة.
وأضافت أن سيطرة هيئة تحرير الشام وأنصارها على دمشق في كانون الأول 2024 مثّلت تصعيداً خطيراً، حيث فُرضت سياسات تقمع النساء بشكل ممنهج، في محاولة للقضاء على مكتسبات ثورة المرأة.
وكشفت ساريا أن الهجمات على النساء تصاعدت منذ 8 كانون الأول، خصوصاً في دير الزور ومنبج والطبقة، مشيرة إلى أن أكثر من 710 نساء قُتلن حتى تموز 2025، مع وجود مئات المفقودات.
ورغم ذلك، أكدت أن النساء السوريات يواصلن تنظيم صفوفهن، من إدلب إلى دمشق، ومن اللاذقية إلى حلب، رافضات ما وصفته بـ"أفضل السيئات"، ومؤمنات بأن التنظيم هو أقوى أشكال الدفاع.