سلّطت صحيفة "ذي كييف أندبندنت" الأوكرانية الضوء على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا، والتي أثارت موجة من الانتقادات الأوروبية والدولية، باعتبارها تحمل تنازلات واسعة في مواجهة روسيا وتقوّض سيادة أوكرانيا وأسس الأمن الأوروبي، في مقارنات أعادت إلى الأذهان اتفاق ميونيخ عام 1938 الذي فُرض على الأطراف المعنية دون مشاركتها.
وتطالب الخطة، وفق الصحيفة، كييف بالتنازل عن مساحات واسعة من الأراضي، وخفض قدراتها العسكرية، والقبول بقيود على تحالفاتها الدولية، في إطار تسوية تعتبرها عدة عواصم أوروبية استجابة لشروط موسكو.
وقال الباحث بافيل هافليتشيك إن البنود المقترحة "تقوّض الأمن الأوروبي بأكمله"، فيما حذّر النائب الأوكراني ياروسلاف يورتشيشين من أن تنفيذها سيجر "عواقب كارثية على القارة".
وتتضمن الخطة انسحاب أوكرانيا من كامل دونباس وتحويل ما تبقى منها إلى منطقة منزوعة السلاح، مع اعتراف أمريكي بسيطرة روسيا على القرم ولوجانسك ودونيتسك. واعتبر دانييل هاميلتون من مؤسسة "بروكينجز" أن ذلك يمثل تخليًا غربيًا عن مبدأ رفض تغيير الحدود بالقوة.
كما تشمل الخطة وقف توسع حلف الناتو وإجبار أوكرانيا على التخلي عن الانضمام إليه، وتقليص الجيش الأوكراني إلى 600 ألف جندي، بينما اعتبر نواب أوكرانيون ذلك "وصفة لحرب جديدة".
وتفرض الخطة قيودًا على وجود الناتو داخل الأراضي الأوكرانية مع نشر مقاتلات أوروبية في بولندا، وهو ما اعتبره مسؤولون وخبراء مبالغة تقلص الجاهزية العسكرية لكييف وجيرانها.
وحذّر وزير خارجية إستونيا مارجوس تساهكنا من أن الخطة تفتح الباب لمطالب روسية أوسع بشأن مستقبل الأمن الأوروبي، مؤكدًا ضرورة أن تُحسم قضايا الأمن داخل إطار الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، تحت مبدأ: "لا شيء عن أوروبا بدون أوروبا".
وأضافت الصحيفة أن الخطة صيغت دون استشارة أوكرانيا أو حلفائها الأوروبيين، وهو ما اعتبره محللون إعادة لإخفاقات ميونيخ قبل الحرب العالمية الثانية.
وأفادت وكالة "رويترز" بأن القوى الأوروبية أعادت صياغة خطة بديلة تضمنت:
رفع العدد المسموح به للقوات الأوكرانية إلى 800 ألف جندي
إسقاط بند التنازل عن أراضٍ جديدة
وقف إطلاق النار عند خطوط التماس الحالية
تقديم ضمانات أمنية أمريكية شبيهة بالمادة الخامسة في الناتو
وتجري مفاوضات مستمرة بين واشنطن وكييف حول الصياغة النهائية، حيث اجتمع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو مع مدير مكتب الرئيس الأوكراني أندريه يرماك في جنيف يوم 23 نوفمبر لمناقشة التعديلات.
ويشير خبراء إلى أن الأوروبيين باتوا أكثر تأثيرًا في النسخة المقترحة للخطة، بينما يرى وزير خارجية إستونيا أن روسيا لم تغيّر أهدافها، ولا تزال تسعى لإخضاع أوكرانيا وإعادة تشكيل ميزان الأمن الأوروبي.
ونقلت شبكة "سي إن إن" الأوكرانية عن مسؤول أمريكي قوله إن أوكرانيا وافقت مبدئيًا على الاتفاق لإنهاء الحرب، معتبراً أن ما تبقى "تفاصيل بسيطة"، رغم تأكيد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الاتفاق ما زال بحاجة إلى عمل إضافي. وأضاف المسؤول أن الوفد الأوكراني أبدى موافقته خلال اجتماعات عقدها وزير الجيش الأمريكي دان دريسكول في أبوظبي مع مسؤولين روس حول المقترح الأمريكي.