بث تجريبي

رحيل ديك تشيني.. مهندس غزو العراق وصاحب النفوذ الأقوى في تاريخ نواب الرؤساء الأمريكيين

توفي السياسي الأمريكي البارز ديك تشيني عن عمر ناهز 84 عامًا، بعد مسيرة سياسية جعلته أحد أكثر نواب الرؤساء نفوذًا في تاريخ الولايات المتحدة. فقد شغل تشيني منصب وزير الدفاع في عهد الرئيس جورج بوش الأب أثناء عملية "عاصفة الصحراء"، قبل أن يصبح نائبًا للرئيس جورج بوش الابن خلال غزوي أفغانستان والعراق.

وخلال سنواته في السلطة، ترك تشيني إرثًا معقدًا أثّر بعمق في سياسات واشنطن، خاصة في الشرق الأوسط، إذ يُنظر إليه على أنه مهندس التحولات الكبرى التي غيّرت وجه المنطقة، وفتح ما وصفه محللون بـ"صندوق باندورا" من الصراعات والتدخلات التي ما زالت آثارها قائمة حتى اليوم.

ورطة العراق

ذكرت شبكة CNN أن تشيني لعب دورًا رئيسيًا في التخطيط لغزو العراق عام 2003، مستندًا إلى مزاعم امتلاك صدام حسين أسلحة دمار شامل، وهي المزاعم التي تبيّن لاحقًا أنها غير صحيحة. ورغم نجاح الحملة العسكرية من الناحية العسكرية، فإن الاحتلال الأمريكي للعراق تحوّل إلى كارثة بسبب الفوضى الأمنية وسوء الإدارة وفضائح التعذيب، أبرزها تلك التي هزّت العالم من سجن أبو غريب.

ودافع تشيني عن بعض أساليب الاستجواب المثيرة للجدل مثل "الإغراق بالماء"، معتبرًا إياها "وسائل فعالة للحصول على معلومات استخباراتية مهمة". كما ارتبط اسمه بالأعباء الاقتصادية الضخمة لتلك الحروب، التي قدّر مشروع "تكاليف الحرب" بجامعة براون كلفتها بأكثر من 8 تريليونات دولار منذ عام 2001.

وترى CNN أن أخطاء تشيني بعد هجمات 11 سبتمبر ساهمت في صعود تنظيم داعش، واستمرار عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، فضلًا عن أزمة المهاجرين والديون الأمريكية المتزايدة.

تخطي الحدود

بحسب وكالة أسوشيتد برس، كان تشيني أحد أبرز الداعمين لتوسيع سلطات الدولة في مجال الأمن القومي والمراقبة، من خلال قانون "باتريوت" الذي صدر عقب هجمات سبتمبر، ومن خلال برنامج التنصت الواسع لوكالة الأمن القومي (NSA) دون إذن قضائي.

وبرر تشيني تلك الإجراءات بأنها كانت ضرورية لمنع تكرار هجمات إرهابية، قائلًا إن مثل هذه الصلاحيات كان يمكن أن تحول دون تنفيذ هجمات 11 سبتمبر لو وُجدت حينها.

تسييس الاستخبارات

بوصفه أحد مهندسي الحربين في أفغانستان والعراق، ضغط تشيني على وكالات الاستخبارات للعثور على أدلة تبرر الغزو، زاعمًا أن العراق يطور أسلحة دمار شامل وله صلات بـتنظيم القاعدة. لكن تلك الادعاءات تبيّن لاحقًا أنها خاطئة، مما مثّل إخفاقًا استخباراتيًا كبيرًا، ودليلاً على تسييس المعلومات الأمنية لخدمة أهداف سياسية.

ووفق محللين، أدت سياسات تشيني إلى تقويض ثقة الأمريكيين في مؤسساتهم السياسية والاستخباراتية، وهو إرث ما زالت آثاره تلوح في الخطاب السياسي الأمريكي حتى اليوم.

قد يهمك