تُظهر صور الأقمار الصناعية والمشاهد الجوية لقطاع غزة مدى صِغَر هذه البقعة من الأرض التي تحولت إلى ساحة واحدة من أكثر الكوارث الإنسانية والدمار في العصر الحديث. فعلى مدار عامين من العدوان الإسرائيلي، استُشهد عشرات الآلاف من الفلسطينيين، فيما ما زال آلاف آخرون تحت الأنقاض، في ظل دمار غير مسبوق وصفه مسؤول أممي بأنه أشد فداحة من آثار القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما اليابانية.
تسعى الفصائل الفلسطينية، بالتنسيق مع مصر، إلى استكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، واستعادة جثامين المحتجزين، بينما تُشارك فرق مصرية مزوّدة بتقنيات خاصة في عمليات البحث تحت الركام الذي يُقدّر حجمه بأكثر من 60 مليون طن، وفق تقديرات الأمم المتحدة. ويقول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن إزالة هذا الركام تعادل رفع 13 هرمًا من أهرامات الجيزة، ما يجعل إعادة إعمار غزة مهمة ضخمة تستغرق أعوامًا.
وأشارت تقارير أممية إلى أن إسرائيل ألقت أكثر من 25 ألف طن من المتفجرات خلال الأشهر الخمسة الأولى من الحرب، أي ما يعادل قوتين نوويتين، ما أدى إلى تدمير أكثر من 60% من مباني القطاع. ووصف تقرير لصحيفة "ذا جارديان" البريطانية شمال غزة بأنه تحوّل إلى "أرض قاحلة من الخرسانة والغبار"، بينما أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن العثور على جثث المحتجزين وسط هذا الدمار يُعد "تحديًا هائلًا"، وقد لا يتم العثور على بعضها مطلقًا.
وفي سياق متصل، كشفت نافي بيلاي، رئيسة لجنة التحقيق الأممية المستقلة بشأن الأراضي الفلسطينية، أمام لجنة تابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن إسرائيل ارتكبت "أربعة أعمال إبادة جماعية" في غزة، مؤكدة أن القيادة الإسرائيلية—including الرئيس ورئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق—حرّضت على هذه الجرائم.
وأوضحت بيلاي أن التحقيق استند إلى تحليل قانوني بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، مشيرة إلى أن "الهجوم الإسرائيلي هو الأطول والأكثر وحشية ضد الشعب الفلسطيني في التاريخ الحديث"، وأن "غزة أصبحت شبه غير صالحة للسكن".
وختمت بيلاي بأن وقف إطلاق النار واستعادة المحتجزين "يمنحان بصيص أمل"، لكنه لا يمكن أن يُصلح الدمار الهائل أو يمحو الجرائم التي ارتُكبت، مؤكدة أن تصريحات قادة الاحتلال الأخيرة تُظهر استمرار نواياهم في التهجير وبناء المستوطنات وضم الأراضي.
