في حوار لموقع "المبادرة"، تكشف الدكتورة جيهان جادو، المحللة السياسية المقيمة في باريس، أبعاد التحركات الفرنسية الأخيرة ضد جماعة الإخوان الإرهابية والجماعات المتشددة.
وتوضح جادو أن الحكومة الفرنسية شددت الرقابة على التمويلات الأجنبية للجمعيات، وأغلقت مراكز إسلامية ومراكز أئمة ثبت تورطها في نشر الفكر المتطرف، كما ألغت التعاقدات مع عدد من الأئمة القادمين من الخارج ورحّلتهم نهائياً.
وتشير إلى أن هذه الخطوات تهدف إلى حماية الشباب من الاستقطاب، وصون تماسك المجتمع الفرنسي، مؤكدة أن الإجراءات تستهدف جهات بعينها، لا الدين الإسلامي، وأن الهدف الأساس هو تحصين الدولة من خطر التطرف.
وإلى نص الحوار:
*بداية، كيف تتابعين خطوات الحكومة الفرنسية لمواجهة نشاط وتغلغل جماعة الإخوان الإرهابية في المجتمع الفرنسي؟
- في واقع الأمر، لقد اتخذت الحكومة الفرنسية مؤخراً سلسلة من الإجراءات الملموسة لمواجهة جماعة الإخوان، التي باتت تمثل خطراً حقيقياً على المجتمع الفرنسي وتماسكه الداخلي. إن المخاوف الرئيسية لدى السلطات الفرنسية تتمثل في محاولات الجماعة التسلل إلى المجتمع الغربي عامة، والفرنسي على وجه الخصوص، من خلال استقطاب الشباب والتأثير على عقولهم بمعتقدات متشددة. وهذه المخاوف دفعت الحكومة إلى تشديد الرقابة على التمويلات التي تتلقاها الجمعيات والمنظمات المحسوبة على الإخوان، خصوصاً تلك التي يثبت ارتباطها بجهات خارجية.
*كيف تعمل الحكومة الفرنسية مع ما ذكرتيه؟
- فرنسا تعمل عبر تقارير دقيقة أعدتها جهات رسمية، من بينها وزارة الداخلية وعدد من القطاعات الأخرى، على متابعة نشاط هذه الجمعيات والمراكز، لا سيما المراكز الإسلامية وبعض مراكز تدريب الأئمة التي تخضع لنفوذ الجماعة أو كيانات قريبة منها، والتي تبيّن أنها تروّج لأفكار متشددة وتدعو الشباب للانخراط في صفوف الجماعة، ما قد يؤدي إلى استغلالهم في أعمال تخريبية أو إرهابية.
*هل كانت هناك خطوة عملية في إطار تلك المواجهة، مثلاً إغلاق بعض تلك المؤسسات؟
- بالفعل الحكومة الفرنسية أغلقت عدداً من المراكز الإسلامية ومراكز الأئمة بعد ثبوت ضلوعها في التحريض ضد الدولة الفرنسية أو في استقطاب الشباب نحو الفكر المتطرف. إن هذه الخطوات تعكس يقظة السلطات وإصرارها على منع انتشار الفكر المتشدد داخل المجتمع الفرنسي. كما أن الإجراءات الفرنسية تأتي في إطار استراتيجية أوسع للحد من نفوذ الجماعة وتغلغلها. الدولة في فرنسا باتت أكثر حرصاً على حماية المجتمع، وصون تماسكه في مواجهة أي محاولات لاختراقه فكرياً أو سياسياً.
*كان هناك حديث عن ترحيل بعض الأئمة ممن لهم صلة بالجماعة، أليس كذلك؟
- بالفعل إن من بين الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الفرنسية لمواجهة جماعة الإخوان ومظاهر التشدد الديني، ترحيل عدد من الأئمة القادمين من الخارج الذين ثبت تبنيهم خطاباً متشدداً أو محرضاً ضد الدولة الفرنسية. حيث أن السلطات الفرنسية ألغت التعاقدات مع هؤلاء الأئمة بشكل نهائي. فبعضهم كان يستخدم خطبه وشعاراته الدينية للتحريض وإثارة الكراهية تحت غطاء الشعائر الدينية. وقد جاءت هذه الخطوات بعدما ثبت أن خطابات بعض الأئمة ساهمت في استقطاب الشباب وتغذيتهم بأفكار متطرفة تتعارض مع قيم المجتمع الفرنسي. الحكومة الفرنسية فرضت رقابة مشددة على الخطب والشعارات الدينية في العديد من المساجد، بهدف ضمان عدم استغلالها لنشر التشدد أو الترويج لأفكار متعارضة مع مبادئ الجمهورية الفرنسية.
*لكن بعض هذه الخطوات قيل إنها أثارت مخاوف المجتمعات المسلمة في فرنسا، ما تعقيبك؟
- بالفعل، هذه الإجراءات أثارت بعض الجدل داخل أوساط الجاليات المسلمة في فرنسا، حيث اعتبرها البعض تضييقاً على حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية. لكن في واقع الأمر الدولة لم تتخذ هذه التدابير بشكل عام كإجراء انتقامي، بل استهدفت جماعات أو أشخاصاً محددين ثبت بالدليل أنهم يستقطبون الشباب ويدفعونهم نحو الفكر المتطرف، وهو ما ترفضه فرنسا رفضاً قاطعاً.
*هل لديك ما تودين إضافته؟
- ما أريد التأكيد عليه أن فرنسا حريصة على حماية المجتمع من محاولات التغلغل الفكري التي قد تستغل الدين كوسيلة لفرض مشروع سياسي أو اجتماعي. إن الهدف من هذه الإجراءات ليس التضييق على الدين الإسلامي، بل مواجهة من يوظفونه للتحريض والإضرار بالسلم الأهلي.