بث تجريبي

ليبيا .. صراع الفوضى والسلاح يطل برأسه في صبراتة

تتجدد فصول الأزمة الليبية يومًا بعد يوم، لتؤكد أن الطريق نحو الاستقرار لا يزال محفوفًا بالمخاطر والتحديات، وذلك مع اندلاع اشتباكات في مدينة صبراتة.

وأحداث صبراتة ليست مجرد اشتباكات عابرة، بل هي انعكاس عميق لواقع مرير تسيطر عليه الفوضى الأمنية والسلاح المنفلت. هذه الاشتباكات، التي اندلعت في منطقة "دحمان"، تُعدّ بمثابة ناقوس خطر يُنذر بانهيار أي جهود سياسية أو دبلوماسية في ظل غياب سيطرة الدولة.

صورة مصغرة للمشهد الليبي

إن ما جرى في صبراتة يُقدم صورة مصغرة للمشهد الليبي الأوسع. البداية كانت بسيطة: استهداف استراحة تابعة لأحد المسلحين، لكنها سرعان ما تصاعدت إلى مواجهات عنيفة بالرصاص والقذائف، شملت أحياء سكنية.

هذا التصعيد السريع يكشف هشاشة الوضع الأمني وسهولة تفجر العنف لأسباب قد تبدو فردية في ظاهرها، لكنها في جوهرها نتاج صراع على النفوذ والسلطة بين الميليشيات.

ويُظهر التحليل أن هذه الاشتباكات ليست عشوائية، بل هي جزء من ديناميكية معقدة تغذيها عدة عوامل. أولًا، غياب سلطة الدولة المركزية، خاصة في الغرب الليبي، خلق فراغًا أمنيًا ملأته الميليشيات المسلحة.

 إن المواطن الليبي هو الخاسر الأكبر من هذه الفوضى. الاشتباكات المسلحة لا تقتصر آثارها على القتلى والجرحى وتدمير الممتلكات، بل تمتد إلى خلق حالة من الذعر والخوف بين السكان، وتهديد حياتهم اليومية، كما حدث في صبراتة حيث ناشد الأهالي الهلال الأحمر لإنقاذ العائلات العالقة.

هذا الواقع المأساوي يجعل حلم الاستقرار بعيد المنال، ويحول دون أي تقدم حقيقي على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي.

عقبة أمام الحل السياسي

بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الأحداث تشكل عقبة كأداء أمام أي مبادرات سياسية. ففي الوقت الذي تسعى فيه البعثة الأممية لإطلاق خارطة طريق جديدة تهدف إلى إعداد إطار انتخابي وتوحيد المؤسسات، تأتي هذه الاشتباكات لتنسف كل الجهود.

فكيف يمكن إجراء انتخابات نزيهة في ظل وجود جماعات مسلحة تتحكم في المناطق وتهدد الأمن؟ وكيف يمكن توحيد المؤسسات في ظل صراعات على النفوذ؟ الأحداث في صبراتة تضع خارطة الطريق الأممية "في مهب الريح"، وتؤكد أن الأمن هو الشرط الأساسي لأي حل سياسي.

إن مشهد صبراتة ليس مجرد حدث فردي، بل هو جرس إنذار يذكرنا بأن الأزمة الليبية لا يمكن حلها بالمسارات السياسية وحدها. الحل يتطلب نزع السلاح وإعادة بناء المؤسسات الأمنية الوطنية القادرة على فرض سيطرتها على كافة الأراضي الليبية. بدون هذه الخطوة، ستظل الفوضى هي الحاكم الفعلي، وستظل آمال الليبيين في بناء دولة مستقرة ومزدهرة مجرد أحلام بعيدة المنال.

قد يهمك