بث تجريبي

اعتراف بريطاني وكندي وأسترالي بدولة فلسطين: ضربة سياسية لنتنياهو وجدال محتدم داخل إسرائيل

في تطور دبلوماسي بارز يعيد إحياء النقاش الدولي حول القضية الفلسطينية، أعلنت كل من بريطانيا وكندا وأستراليا اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، في خطوة وُصفت بأنها تاريخية وتأتي قبل يوم واحد من انعقاد مؤتمر حول حل الدولتين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

رئيس الوزراء الكندي مارك كارني كتب عبر منصة "إكس": "اليوم، كندا تعترف رسميًا بدولة فلسطين". من جانبه، أكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في كلمة متلفزة أن بلاده اتخذت هذه الخطوة "لإحياء أمل السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين"، مشيرًا إلى أن الأمل في حل الدولتين قد يضعف لكنه لا يجب أن يختفي. وأضاف: "نعمل على إبقاء إمكانية السلام وحل الدولتين حيًّا".

الخطوة الثلاثية شكلت صدمة داخل إسرائيل، حيث اعتبر زعيم حزب الديمقراطيين، يائير جولان، أن هذا الاعتراف "خطوة مدمّرة لأمن إسرائيل"، محملًا المسؤولية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير ماليته المتطرف بتسلئيل سموتريتش، وواصفًا إياها بأنها "فشل سياسي ذريع" للحكومة الحالية.

أبعاد دبلوماسية وتحولات دولية

الاعتراف بدولة فلسطين من قِبل ثلاث دول غربية كبرى يمثل اختراقًا مهمًا في الموقف الدولي، خصوصًا وأن هذه الدول كانت تُعرف بتوازنها التقليدي بين دعم إسرائيل والتمسك بخطاب الحل السلمي. الخطوة قد تفتح الباب أمام دول أخرى في الاتحاد الأوروبي أو الكومنولث لاتخاذ مواقف مشابهة، ما يضع الحكومة الإسرائيلية تحت ضغط دبلوماسي متزايد.

كما أن توقيت الإعلان قبيل مؤتمر حل الدولتين في الأمم المتحدة يحمل رسالة سياسية واضحة، مفادها أن المجتمع الدولي لم يعد يقبل استمرار الوضع الراهن، وأن هناك حاجة ماسة إلى تحريك الجمود السياسي، خصوصًا بعد سنوات من التصعيد العسكري والدمار في غزة والضفة الغربية.

انعكاسات داخل إسرائيل

في الداخل الإسرائيلي، قد تعمّق هذه الخطوة الانقسام السياسي. فالمعارضة ستستغلها لتأكيد فشل حكومة نتنياهو في إدارة العلاقات الخارجية، بينما ستعتبرها الحكومة دليلاً على "انحياز دولي" ضد إسرائيل. وفي كل الأحوال، ستضعف هذه التطورات صورة إسرائيل كطرف مدعوم بشكل مطلق من الغرب، وهو ما قد يعزز خطاب اليمين المتطرف الداعي لمزيد من التشدد العسكري والسياسي.

مستقبل حل الدولتين

رغم أن الاعتراف الدولي لا يعني بالضرورة تحقّق الدولة الفلسطينية على أرض الواقع، إلا أنه يحمل قيمة رمزية وسياسية كبيرة. إذ يمنح الفلسطينيين دفعة جديدة على الصعيد الدبلوماسي، ويعيد تسليط الضوء على حقهم في تقرير المصير، في وقت تسعى فيه إسرائيل إلى فرض وقائع جديدة على الأرض من خلال الاستيطان والسيطرة الأمنية.

إذن، الاعتراف البريطاني والكندي والأسترالي بدولة فلسطين يمثل منعطفًا مهمًا في مسار القضية الفلسطينية، وقد يكون بداية لموجة جديدة من الاعترافات الدولية. لكن في المقابل، سيزيد من عزلة حكومة نتنياهو، ويجعل الصراع أكثر تعقيدًا بين من يرى في هذه الخطوات تعزيزًا للسلام ومن يعتبرها تهديدًا للأمن القومي الإسرائيلي. في جميع الأحوال، يبدو أن ملف حل الدولتين عاد بقوة إلى واجهة النقاش الدولي، وإن كان تطبيقه على الأرض لا يزال يواجه تحديات هائلة.

قد يهمك