بث تجريبي

المرأة بين تحقيق العدالة المناخية وتحقيق التنمية المستدامة

في مستهل حديثها، شددت ماجدة طالب على أن قضية التغير المناخي تُعد من أبرز القضايا التي تحظى باهتمام واسع في المحافل الدولية والإقليمية، نظراً لما تسببه من آثار سلبية على دول الجنوب، لاسيما القارة الإفريقية والدول الفقيرة. وأوضحت أن المرأة كانت من أكثر المتضررين من هذه التداعيات، والتي أسفرت عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي، واندلاع صراعات أدت إلى موجات نزوح وهجرات داخلية، نتيجة لظواهر مناخية متطرفة مثل الجفاف والتصحر وتراجع حصة الفرد من المياه. وأشارت إلى أن تزامن هذه الصراعات مع التغيرات المناخية فاقم من معاناة المرأة على المستويين الاقتصادي والحقوقي، الأمر الذي يستدعي إجراء دراسات معمقة لفهم أبعاد الأزمة وتحديد تداعياتها، في محاولة جدية للتخفيف من آثارها وإنقاذ المتضررين.

واستعرضت الدكتورة ياسمين السبع الباحثة في التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الأزهر ورقة بحثية تناولت آثار تلك التغيرات على الفئات الضعيفة التي تمثل المرأة أحد أبرز تلك الفئات إلى جانب ذوي الهمم والأطفال وكبار السن حيث تواجه المرأة الريفية تحديات جمة في المجال الزراعي بسبب تأثر التربة والمحاصيل بالتطرف المناخي وبرغم ذلك أثبتت قدرة على التكيف وخلقت نموذجا إيجابياً صامداً أمام الكوارث المناخية، وهو ما يتطلب ضرورة النظر القدرات النسائية التي جعلت المرأة فاعلة وقادرة على مواجهة تداعيات التغير المناخي في بيئتها المحيطة والتكيف مع تلك التغيرات قدر الإمكان.

توزيع الأعباء

وأشارت إلى أن تاريخ الدول العربية لم يشهد فروقا بن المرأة والرجل وإنما برز التمييز بعد وضع حدود الدول الإسلامية، لافتة إلى أن المرأة يجب ألا تتحمل مسؤولية تغير المناخ وحدها، لأن الرجل والمرأة هما قطبي الحياة، بما يعني توزيع الأعباء دون تمييز وأضافت: «هناك مثال حي على تداعيات التغيرات المناخية تجسد في ارتفاع درجة حرارة البحر المتوسط من درجتين إلى ثلاث درجات، ما خلف عدة تداعيات عدة من بينها نفوق الأسماك والشعاب المرجانية وهجرة الأسماك بما شكل تهديدا لحرفة الصيد فضلا عن العواصف والأعاصير التي تسببت في عمليات نزوح وتهجير فضلا عن تسجيل أعداد كبيرة من الضحايا قدرتها الأمم المتحدة بـ11 ألف قتيل».

وأوضحت أن تداعيات التغيرات المناخية يقع العبء الأكبر منها على كاهل الدول الفقيرة والنامية فيما لا تتحمل الدول المتقدمة أية أعباء رغم تسببها في تلك التداعيات نظرا لكونها أكبر متسبب في الاحتباس الحراري، وأضافت: «هناك نموذج حي على أثر تداعيات التغير المناخي ففي عهد السلطان الأشرف بمصر قل منسوب مياه نهر النيل ما أدى إلى الجفاف واختفاء المحاصيل وزيادة جنونية في الأسعار ما أدى إلى انتشار الفقر والمرض وحينها جمع السلطان رجاله وكان من بينهم رجال الدين الذين كان ليهم رأي مختلف حيث أكدوا أن الفقر ناتج عن ابتلاء بسبب الجور و فتنة النساء فمنع السلطان حينها خروج النساء إلى الأسواق»، بما يدلل على تسميم الوعي الجمعي ضد المرأة بنصوص الدين، فضلا عن الإحصاءات الأممية أكدت أن النساء هن الأكثر دفعا لثمن التغيرات المناخية حيث أن 80% من ضحايا تلك التغيرات من النساء والأطفال، وفي كل تسونامي يحدث يقضى أربعة نساء مقابل كل رجل لأن هي المكلفة بتدبير المنزل وبعضهن بقضين ساعات في جلب الحطب و70 % من نساء العالم أكثر عرضة لتغيرات المناخ.

معاناة مستمرة

وطالبت بضرورة مشاركة المرأة في صناعة السياسات البيئية والحد من ظاهرة العنف وتزويج القاصرات الذي يأتي كنتيجة مباشرة لتداعيات التغيرات المناخية للتعامل مع الفقر الناتج عن تلك التغيرات، فضلا عن ضرورة الاعتماد على الزراعة الذكية ونظم الري الحديثة وإنشاء بنى تحتية مقاومة لتغيرات المناخ ورفع الوعي المجتمعي وتنوع مصادر الدخل والاعتماد على العمارة الخضراء، إلى جانب رفع مستوى وعي الرجال بعدم انتهاك جسد المرأة وقت الكوارث والحرص على التمكين الاقتصادي للمرأة بتوفير منح صغيرة وقروض ميسرة لإنشاء مشروعات صغيرة.

إيمان إبراهيم قبلي الحقوقية السودانية أكدت أن تداعيات تغيرات المناخ من منظور القانون الدولي خلقت إشكاليات إنسانية وتسببت في أضرار بيئية جسيمة وانتشار الأمراض في الدول النامية، ومؤخرا ظهر مصطلح العدالة المناخية بعد الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة ويقصد به العدالة في توزيع الأعباء وفقا للمتسببين وهو محور تداعيات المناخ، والغرض منه التخفيف أو الحد من الانبعاثات واستغلال الأنظمة التقليدية الموروثة فيما يخص الطاقة من خلال الطاقة النظيفة، لافتة إلى الضرر يطول الجنسين وتأثيره أكثر على الدول الفقيرة وخاصة الزراعية والفئات الضعيفة ويتسبب في تراجع الأمن الغذائي فندرة الأمطار أصرت بالرقعة الزراعية في إفريقيا إلى جانب التغيرات التي تشهدها المناطق الساحلية، ما نجم عنه النزوح المستمر بسبب التصحر والكوارث وقلة الموارد وزيادة حركة اللاجئين ومعدلات الفقر ، إلى جانب انتشار الملاريا وحمى الضنك والكوليرا في المناطق الفقيرة نتيجة الاحتباس الحراري.

التمييز الاجتماعي

وكشفت أن التغيرات المناخية غير محايدة وتضاعف معاناة النساء لارتباطهن بالزراعة، نتيجة التمييز الاجتماعي وتراجع فرص المرأة في التعليم والحصول على الأراضي والجفاف إلى جانب سعي النساء للحصول على المياه في المخيمات زاد من المعاناة وفي اليمن والسودان تطع المرأة يوميا عشرات الأميال للبحث عن المياه وتتعرض للعنف، كما واجهت المرأة الريفية الفقر بسبب تغيرات المناخ ما يدفع الأسر لتزويج القاصرات لتقليل المسؤولية وجلب المال مع تردي الرعاية الصحية ومن اثر التغيرات المناخية في السودان في التعدين يستخدمون مواد غير آمنة تعرض صحة المرأة السرطان. 

قد يهمك