بث تجريبي

الصين بين الغموض والاستمرار: شي جين بينج يرسخ حكمه بينما يلوح سؤال الخلافة في الأفق

في أروقة مغلقة بالعاصمة الصينية بكين، يجتمع كبار قادة الحزب الشيوعي هذا الأسبوع لصياغة خطة وطنية تهدف إلى تعزيز مكانة البلاد في عالم يشهد اضطرابات متزايدة. غير أن وراء هذه الجدران الصامتة يخيّم سؤالان حرجان لا يُطرحان علنًا: إلى متى سيبقى الرئيس شي جين بينج في الحكم؟ ومن سيخلفه بعد رحيله؟

ووفقًا لتقرير نشره موقع The Japan Times، فإن شي جين بينج، الذي يتولى القيادة منذ أكثر من 13 عامًا، أحكم سيطرته على مفاصل الدولة والحزب إلى مستوى غير مسبوق منذ عهد الزعيم الراحل ماو تسي تونج. ومع أنه لم يُبد أي نية للتنحي، فإن غياب جدول زمني واضح لانتقال السلطة يثير مخاوف من اضطرابات سياسية مستقبلية، خصوصًا مع عدم تحديد خليفة محتمل له.

مأزق الزعيم القوي
يشير خبراء إلى أن شي، البالغ من العمر 72 عامًا، سيحتاج قريبًا إلى اختيار وريث سياسي من جيل أصغر، شرط أن يجمع بين الولاء والكفاءة. ويعد الولاء المطلق للرئيس ولسياساته المعيار الأهم، في ضوء تحذيراته المتكررة من تكرار تجربة الاتحاد السوفييتي، الذي أرجع انهياره إلى القيادة الإصلاحية لميخائيل جورباتشوف.

وقد عكس قرار طرد تسعة ضباط كبار من الجيش الأسبوع الماضي، بتهم الفساد وإساءة استخدام السلطة، نهج شي في فرض الانضباط والتأكيد على عدم التسامح مع أي شكل من أشكال العصيان أو الاستقلال السياسي.

الاجتماعات المغلقة
ينعقد الاجتماع السنوي للجنة المركزية للحزب الشيوعي في بكين بمشاركة مئات المسؤولين، وسط توقعات بالمصادقة على الخطة الخمسية الجديدة التي تركز على تعزيز الابتكار الصناعي والتكنولوجي لمواجهة التحديات الاقتصادية والعقوبات الأمريكية.

لكن خلف الخطابات الرسمية، يترقب المراقبون ما إذا كان شي سيبدأ التمهيد لجيل جديد من القادة، رغم أن أغلب التحليلات تشير إلى أن أي تغييرات كبرى ستُؤجل إلى ما بعد عام 2027، عندما يُرجّح أن يبدأ فترة ولاية رابعة وربما يستمر بعدها أيضًا.

استذكار التاريخ وأزمة الأجيال
يدرك شي جيدًا خطورة صراعات الخلافة، فقد شهد بنفسه سقوط والده السياسي خلال عهد ماو، كما عاش انقسامات الحزب عام 1989 أثناء احتجاجات تيان آن من. ومنذ أن ألغى في عام 2018 الحد الأقصى لفترتي الرئاسة، أصبح بإمكانه البقاء في السلطة إلى أجل غير مسمى.

ومع تقدّم أعضاء القيادة العليا في السن، تتضاءل فرص بروز خلف شاب يمتلك الخبرة اللازمة. ويتوقع أن يكون خليفة شي المقبل من جيل السبعينيات، غير أن الرئيس الصيني لا يثق كثيرًا في هذا الجيل الذي لم يُختبر بعد في الأزمات الكبرى.

مستقبل غامض
يرى المراقبون أن المشهد السياسي في الصين سيبقى غامضًا، إذ يواصل شي إحكام قبضته واختبار ولاء القيادات الشابة، بينما تتنامى المنافسات الخفية داخل دائرته المقربة. ويقول البروفيسور فيكتور شي من جامعة كاليفورنيا إن “عملية الخلافة المقبلة ستكون الأكثر تعقيدًا وتشتتًا في تاريخ الحزب، وقد تفتح الباب أمام صراعات داخلية منخفضة الحدة بين المرشحين المحتملين”.

قد يهمك