بث تجريبي

تحرك أمريكي مفاجئ نحو العراق قبيل الانتخابات يثير تساؤلات سياسية واقتصادية

شهدت العلاقات بين بغداد وواشنطن تحركاً لافتاً في الأسابيع الأخيرة، بعد فترة من الجمود السياسي منذ تولي محمد شياع السوداني رئاسة الحكومة.

وجاء هذا التحرك عبر سلسلة خطوات بدأت بلقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالسوداني على هامش "قمة السلام" في شرم الشيخ، المخصصة لبحث وقف إطلاق النار في غزة، مروراً برسالة تهنئة وجهها البيت الأبيض إلى الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، وصولاً إلى تعيين مبعوث خاص جديد للعراق هو رجل الأعمال مارك سافايا.

ويرى مراقبون أن هذا الانفتاح الأمريكي المفاجئ يأتي في توقيت حساس، بينما تستعد البلاد لانتخابات برلمانية توصف بأنها "حاسمة"، إذ تهدف واشنطن – وفق تقديراتهم – إلى متابعة العملية الانتخابية وضمان الحد من تمدد النفوذ الإيراني في المؤسسات العراقية، إلى جانب تعزيز الاستثمارات الأمريكية في قطاعي النفط والطاقة.

ويُعد مارك سافايا، المبعوث الأمريكي الجديد إلى العراق، شخصية بارزة في مجال الطاقة والاستثمار، واختياره – بحسب مصادر سياسية – جاء بطلب مباشر من ترامب الذي شدد على “ضرورة استثمار النفط العراقي بما يحقق المصالح الأمريكية”. وقد أثار هذا التعيين تساؤلات حول نوايا واشنطن في إعادة التموضع داخل العراق سياسياً واقتصادياً بعد سنوات من التراجع النسبي.

الصحفي المختص بالشأن السياسي مصطفى حميد أوضح، في تصريحات لوسائل إعلام عراقية، أن لقاء السوداني وترامب "شكّل نقطة تحول في الموقف الأمريكي تجاه العراق"، مشيراً إلى أن "واشنطن أعادت منذ ذلك اللقاء ترتيب أولوياتها، وبدأت بتشجيع شركاتها على دخول السوق العراقية من جديد".

وأضاف أن "عقوداً جديدة أبرمتها شركات أمريكية مثل (ألفا) و(زاخة) مع وزارة النفط العراقية، ما يجعل أغلب الشركات الفاعلة في هذا القطاع ذات ارتباط مباشر بالولايات المتحدة"، محذراً من أن ذلك “قد يضعف استقلال القرار الاقتصادي العراقي ويمنح واشنطن نفوذاً واسعاً في مجالي النفط والتمويل".

ويرى حميد أن إدارة ترامب الحالية تتعامل مع العراق من منظور استثماري بحت، بعيداً عن المقاربة الأمنية التي ميزت الإدارات السابقة، إذ تركّز على المصالح الاقتصادية والعقود الكبرى كما حدث في تعاملها مع دول الخليج.

ويعتبر أن تعيين مبعوث خاص لبغداد "يمهد لمرحلة جديدة من الصفقات المباشرة وربما لتغيير شكل الوجود الأمريكي في العراق سواء عبر انخراط عسكري محدود أو مشاريع طاقة استراتيجية ضخمة".

من جهته، يرى المحلل السياسي أثير الشرع أن “"التحرك الأمريكي الأخير يحمل رسائل مشفّرة وتحذيرات مبطّنة للطبقة السياسية العراقية"، لافتاً إلى أن "ترامب ألمح إلى احتمال عدم اعتراف واشنطن بنتائج الانتخابات المقبلة ما لم تُراعَ شروط محددة تتعلق بالمشاركة السياسية".

وأضاف أن "الولايات المتحدة تبدي قلقاً من مشاركة قوى تمتلك أجنحة مسلحة أو مدرجة على لوائح العقوبات الأمريكية ضمن القوائم الانتخابية، وهو ما قد يخلق أزمة شرعية دولية إذا لم يُتعامل معه بحذر".

ويختتم الشرع بالقول إن على القوى السياسية العراقية "أن تقرأ الرسائل الأمريكية بعين المسؤولية، حتى لا تجد البلاد نفسها أمام مأزق مشابه لما حدث بعد انتخابات 2010 و2018، حين تأخر تشكيل الحكومة بانتظار توافق خارجي".

 

قد يهمك