بث تجريبي

بريطانيا تبدأ أولى طلعات “الحارس الشرقي” .. رسالة ردع واضحة لموسكو

دخلت بريطانيا رسميًا على خط تعزيز دفاعات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في شرق أوروبا، معلنةً تنفيذ أول طلعة جوية دفاعية فوق الأراضي البولندية ضمن إطار مهمة “الحارس الشرقي”.

وتأتي هذه الخطوة كرد مباشر على حادثة توغل طائرة مسيّرة روسية داخل الأجواء البولندية في وقت سابق من الشهر الجاري، وهو تطور اعتبره الحلف أخطر انتهاك لمجاله الجوي منذ اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا.

رسالة لا لبس فيها

وأوضح وزير الدفاع البريطاني جون هيلي، في بيان رسمي، أن المهمة التي أُطلقت يوم الجمعة تحمل رسالة لا لبس فيها: “المجال الجوي لحلف الناتو لن يكون مستباحًا، وسيتم الدفاع عنه بكل الوسائل”. وأفاد البيان أن طائرتين مقاتلتين من طراز “تايفون”، تابعتين لسلاح الجو الملكي، أقلعتا من قاعدة عسكرية في شرق إنجلترا للقيام بدوريات استطلاعية في سماء بولندا، قبل أن تعودا بسلام إلى المملكة المتحدة صباح السبت.

هذه الخطوة ليست مجرد إجراء عسكري تكتيكي، بل تحمل دلالات سياسية وأمنية أوسع. فبريطانيا، التي تسعى إلى تثبيت دورها المحوري في أوروبا بعد “بريكست”، ترى في المهمة فرصة لإثبات التزامها بأمن الحلفاء، خصوصًا في مواجهة روسيا التي تواصل اختبار قدرات الناتو وحدود ردّه. كما أن توقيت العملية يتزامن مع استمرار الحرب في أوكرانيا، وتزايد المخاوف من انتقال التوترات إلى دول مجاورة مثل بولندا ورومانيا ودول البلطيق.

سياسة الردع الجماعي

على المستوى الاستراتيجي، تشكل “الحارس الشرقي” جزءًا من سياسة الردع الجماعي التي تبناها الناتو منذ فبراير 2022. فبينما تراهن موسكو على إنهاك الحلف وإحداث انقسامات داخل صفوفه، يبعث هذا النوع من التحركات العسكرية برسالة عكسية، مفادها أن الحلف أكثر تماسكًا واستعدادًا للتصعيد عند الحاجة. ومن زاوية أخرى، فإن إشراك بريطانيا بشكل مباشر في حماية الأجواء البولندية يخفف من الضغوط على دول شرق أوروبا التي تشعر بأنها خط المواجهة الأول مع روسيا.

لكن مع ذلك، يثير هذا التصعيد تساؤلات حول احتمالات الانزلاق إلى مواجهة غير محسوبة. فالتعامل مع الطائرات المسيّرة الروسية في أجواء الناتو يفتح الباب أمام سيناريوهات خطرة، مثل إسقاط طائرة مأهولة أو حدوث اشتباك مباشر، وهو ما قد يشعل مواجهة أوسع لا يرغب الحلف ولا موسكو في اندلاعها.

في المحصلة، تعكس الطلعة البريطانية فوق بولندا توازنًا دقيقًا بين الردع وعدم الانجرار إلى مواجهة شاملة. فهي خطوة محسوبة تهدف إلى طمأنة الحلفاء وإرسال رسالة قوية لروسيا بأن حدود الناتو خط أحمر، مع الإبقاء على هامش دبلوماسي لتجنب انفجار الوضع.

قد يهمك