كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بنت شراكة استراتيجية سرية مع أوكرانيا وحلفاء أوروبيين شملت الاستخبارات والتخطيط والتكنولوجيا بهدف وقف التمدد الروسي والدفاع عن النظام الدولي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، غير أن وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أدى إلى تفكيك هذه الشراكة سياسيًا.
وأوضحت الصحيفة أن ترامب أحرج الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي علنًا من المكتب البيضاوي في فبراير، ثم عقد قمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا خلال أغسطس، بينما فشلت التحركات الدبلوماسية اللاحقة في حسم مسار الحرب، ليظل مستقبل أوكرانيا معلقًا.
وأشار التقرير إلى أن مواقف ترامب لم تنطلق من التزام أيديولوجي واضح، بل تأثرت بآخر من تحدث إليه وبصورة الاحترام التي تلقاها من موسكو وكييف، إضافة إلى ما يشاهده على قناة فوكس نيوز.
داخل الإدارة الأمريكية، اصطدمت سياسة دعم أوكرانيا بجناح متشكك يقوده نائب الرئيس جيه دي فانس ومسؤولون في البنتاجون، رأوا أن الموارد العسكرية الأمريكية يجب توجيهها نحو مواجهة التهديد الأكبر المتمثل في الصين، بدل الاستمرار في دعم حرب تستنزف القدرات الأمريكية.
وبحسب الصحيفة، سادت داخل وزارة الدفاع أجواء وُصفت بأنها "سياسة معادية لأوكرانيا بحكم الواقع"، حيث عمل وزير الحرب بيت هيجسيث ومستشاروه على تهميش الأصوات الداعمة لكييف.
ورغم هذا التحول السياسي، استمرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) في الحفاظ على تعاون وثيق مع أوكرانيا، بل زادت تمويل برامجها هناك، ما ساهم في تنفيذ هجمات مؤثرة استهدفت مصافي النفط الروسية وسفن ما يُعرف بـ"أسطول الظل".
وذكرت الصحيفة أن ترامب، رغم انتقاداته العلنية أحيانًا لموسكو، وتهديداته بفرض عقوبات، امتنع لفترة طويلة عن تنفيذ هذه الإجراءات، في الوقت الذي وافق فيه سرًا على دعم حملة أوكرانية موسعة بطائرات مسيّرة استهدفت البنية التحتية للطاقة الروسية.
وفي إطار هذه الحملة، ساعدت الاستخبارات الأمريكية والجيش الأمريكي في تطوير استراتيجية أكثر تنسيقًا ركزت على نقاط الضعف الحيوية داخل مصافي النفط بدل استهداف خزانات التخزين، ما تسبب بخسائر يومية للاقتصاد الروسي تُقدَّر بنحو 75 مليون دولار.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين أن ترامب رأى في هذا الدور السري وسيلة لتعزيز نفوذه التفاوضي، مع الحفاظ على "القدرة على الإنكار"، بينما واصل بوتين تقديم إشارات ودية للرئيس الأمريكي.
كما شمل التعاون الاستخباراتي دعم ضربات أوكرانية بطائرات مسيّرة ضد سفن "أسطول الظل" في البحر الأسود والبحر المتوسط، في مسعى لتقويض قدرة روسيا على الالتفاف على العقوبات الغربية.
وبحسب التقرير، توازى هذا التصعيد الاستخباراتي مع ضغوط متزايدة مارسها ترامب على كييف لتقديم تنازلات، في وقت تجاهل فيه رفض موسكو التراجع عن مطالبها الأساسية، ما أسهم في إطالة أمد الحرب وتعقيد فرص التسوية السياسية.