قال الدكتور سيرجي ماركوف، المستشار السابق للرئيس الروسي ومدير معهد الدراسات السياسية، إن الاقتصاد الروسي أثبت قدرة استثنائية على الصمود أمام العقوبات الغربية غير المسبوقة التي فُرضت عليه خلال العامين الماضيين على خلفية الحرب في أوكرانيا.
وأوضح ماركوف، في مقابلة مع قناة القاهرة الإخبارية من موسكو، أن معدلات النمو في روسيا تجاوزت التوقعات وبلغت 3%، أي أعلى من معدل نمو الاقتصاد الأمريكي الذي لم يتجاوز 2.5%، ونظيره الأوروبي الذي لم يزد عن 1%. واعتبر أن هذه الأرقام تعكس مرونة البنية الاقتصادية الروسية رغم الضغوط المتزايدة.
منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية في فبراير 2022، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا حزمة من العقوبات الاقتصادية والمالية على موسكو، استهدفت قطاعات الطاقة والمصارف والصادرات.
وكان الهدف هو إضعاف الاقتصاد الروسي وعزله عن الأسواق العالمية، غير أن النتائج – بحسب محللين روس – جاءت أقل مما توقعه الغرب.
أشار ماركوف إلى أن موسكو تبنّت خلال السنوات الماضية إجراءات حمائية عززت مناعتها الداخلية، مثل توسيع الإنتاج المحلي وزيادة الاعتماد على الذات في قطاعات استراتيجية. لكنه لفت إلى أن الضغوط التضخمية دفعت البنك المركزي الروسي إلى رفع أسعار الفائدة بشكل حاد، ما شكّل تحدياً أمام الاستقرار النقدي.
وحول استمرار الصين والهند في شراء النفط الروسي، قال ماركوف إن القلق الغربي يعكس فشل محاولات العزل، مؤكداً أن هذه الدول تعتبر شراء النفط الروسي قراراً سيادياً قبل أن يكون اقتصادياً.
وأضاف أن أي تحرك أمريكي لفرض رسوم جمركية على هذه القوى الصاعدة سيكون بمثابة "إعلان حرب اقتصادية عالمية جديدة" لن يكون بمقدور واشنطن أو أوروبا تحمل تبعاتها.
وأشار الخبير الروسي إلى أن موسكو راكمت خبرة واسعة في إدارة أنظمة العقوبات، حيث وقعت اتفاقيات كبرى مثل "قوة سيبيريا 2" مع الصين لتأمين إمدادات الغاز بعيداً عن السوق الأوروبية، فضلاً عن تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع آسيا وإفريقيا في إطار ما يسميه الكرملين "التوجه نحو الجنوب العالمي".
واختتم ماركوف بالتأكيد على أن السيادة الوطنية تمثل محور الاستراتيجية الاقتصادية الروسية، وأن الشعب الروسي – على حد وصفه – مستعد لتحمل التحديات من أجل حمايتها، في مواجهة ما يعتبره صراعاً وجودياً مع الغرب.
فضاءات الفكر
من زوايا العالم
من زوايا العالم
من زوايا العالم