بث تجريبي

تأسيس "الكتلة الوطنية السورية" .. محاولة لإعادة إنتاج مشروع وطني مدني في مواجهة الانقسامات والديكتاتورية

أعلن السياسي السوري هيثم مناع، أمس الأربعاء، عبر بيان مصوَّر، عن تأسيس "الكتلة الوطنية السورية" بمشاركة عدد من الشخصيات السياسية والمدنية، في خطوة تسعى – وفق البيان – إلى منع إعادة إنتاج الدكتاتورية بلبوس جديد، وإحياء مشروع سياسي يقوم على مبادئ المواطنة المتساوية والديمقراطية التعددية.

ويأتي الإعلان عن هذه الكتلة في وقت تعاني سوريا إشكاليات كبيرة في إدارة حكومة دمشق الانتقالية لآليات المرحلة الانتقالية، خاصة على صعيد بناء دولة جامعة لكل المكونات والأطياف، واعتماد إجراءات شكلية فاقدة المعنى مثل الحوار الوطني والإعلان الدستوري، إلى جانب الانتهاكات الواسعة بحق بعض المكونات مثل العلويين والدروز.

ثوابت رئيسية

شدد البيان التأسيسي على أن الكتلة ذات طابع مدني سلمي، ترفض أي مقاربة قائمة على المحاصصة الطائفية أو العرقية، وتدعو إلى تشكيل حكومة شعبية ومجلس تأسيسي يضع دستورًا جديدًا يضمن سيادة الدولة واحترام حقوق الإنسان.

كما حدد البيان جملة من "المبادئ فوق الدستورية"، منها وحدة سوريا الجغرافية والسياسية، استقلال القضاء، حياد المؤسسات العسكرية والأمنية، وضمان الحقوق الثقافية واللغوية لمختلف المكونات، إلى جانب العدالة الانتقالية والالتزام الكامل بحقوق المرأة.

أبعاد رمزية

ويحمل اختيار اسم "الكتلة الوطنية" بعدًا رمزيًا، إذ يستعيد تجربة مشابهة في حقبة الانتداب الفرنسي، حين كان الكيان ذاته عنوانًا لنضال سياسي ضد الهيمنة الخارجية. اليوم، يأتي التوظيف الجديد للاسم في سياق محاولة صياغة بديل وطني جامع يقطع مع الاستقطاب الحاد الذي تشهده سوريا، لا سيما منذ وصول هيئة تحرير الشام إلى موقع السلطة قبل نهاية العام الماضي.

ومن زاوية تحليلية، يعكس تأسيس هذه الكتلة حاجة متزايدة إلى قوة سياسية مدنية تعيد طرح مشروع الدولة الوطنية في مواجهة مشاريع التفتيت الطائفي والعرقي. غير أن التحدي الأكبر يكمن في قدرتها على التحول من إطار رمزي محدود إلى فاعل سياسي مؤثر داخل مشهد معقد يتنازع فيه لاعبون محليون وإقليميون ودوليون.

فبينما تطرح الكتلة اللامركزية الحديثة كحل لإدارة التنوع، فإن نجاحها مرهون بمدى قدرتها على بناء قاعدة شعبية واسعة، وتجاوز الانقسامات التقليدية التي أعاقت مبادرات مشابهة في السابق.

قد يهمك