بث تجريبي

د. نهاد القاضي لـ"المبادرة": حزب العمال الكردستاني يقدم إشارات واضحة على تمسكه بالسلام

قال الدكتور نهاد القاضي، مدير المركز الكردي للدراسات، في تصريحات خاصة لموقع "المبادرة"، إن قرار حزب العمال الكردستاني سحب جميع قواته المسلحة من المناطق التركية هو إشارة واضحة إلى تمسك الحزب بفكرة السلام، وسعيه الجاد لفرضه في تركيا والمناطق المجاورة.

 وأوضح أن هذه الخطوة تعبّر بجلاء عن نية الحزب في إنهاء دوامة العنف والتوتر التي يعيشها الشعب الكردي في شمال كردستان والمناطق الحدودية داخل تركيا. وأضاف القاضي قائلاً: "من المؤكد أن كل خطوة إيجابية يجب أن تقابلها خطوة مقابلة من الجهة الأخرى، فلكل فعل رد فعل، والمفروض أن تكون الخطوة المقابلة للنظام التركي بمستوى متناسب مع فكرة السلام التي ينادي بها الطرفان، حتى يتم إنهاء حالة القتل والنزاع القائمة".

إشكالية رئيسية

وأشار إلى أن هناك "إشكاليات أخرى تتمثل في وجود ما يمكن وصفه بالحكومة العميقة أو حكومة الظل في تركيا، والتي ترتبط بالمعارضة القومية بقيادة دولت باهتشلي، الذي يصرّ، بصورة أو بأخرى، على إفشال عملية السلام، ويسعى لإنهائها بأي شكل، من خلال خطوات متسارعة لكنها بعيدة عن روح الحوار والتفاهم".

وتابع القاضي: "ما نلاحظه أن باهتشلي ومن معه لا يقومون بأي خطوة نحو السلام، بل يريدون من الطرف الآخر فقط الالتزام بمسار السلام، في حين يكتفون بالمراقبة، دون تقديم أي مبادرة متبادلة. كما أن هناك أحزاباً أخرى أكثر تعنتاً في هذا الملف، تسعى لإنهاء جهود السلام بطرق بائسة ويائسة، مما يجعل من الصعب على تركيا أن تجني فوائد حقيقية من هذا الوضع، أو أن تمنح الشعب الكردي شيئاً يستحقه من الحقوق والحريات".

قلق إزاء النوايا التركية

وبيّن أن "مثل هذا الحوار غير المتوازن يصعّب على الكرد والأحزاب الكردية الوثوق في النوايا التركية، أو النظر بإيجابية إلى إمكانية أن تمنحهم الحكومة شيئاً ملموساً. لذلك يفترض أن يقابل انسحاب قوات الحزب من داخل تركيا بقرار تركي يسمح لقيادات الحزب بالعودة والعمل السياسي العلني، والاعتراف به كحزب سياسي شرعي، أو على الأقل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين".

واختتم القاضي تصريحاته بالقول: "الحقيقة أن الجماهير الكردية بدأت تتفاءل بحذر إزاء الموقف، لأنها لا ترى حتى الآن من الجانب التركي ما يماثل تحرك حزب العمال الكردستاني باتجاه السلام. آمل أن يكون لدى الرئيس رجب طيب أردوغان تفكير مختلف، رغم وجود الحكومة العميقة والجهات المعارضة والنظام الحالي".

وتابع أن كل "طرف من هؤلاء لديه رؤيته الخاصة للسلام، وإن كانت جميعها تتقاطع عند نقطة واحدة هي الرغبة في إحلال السلام، لكن هناك من يريد سلاماً دون أي تنازل من الحكومة التركية، ودون منح أي حق للشعب الكردي، وهذا أمر مستحيل. إذا كانت أنقرة تنتظر أن تنتهي القضية الكردية أو العمل المسلح من جانب واحد ودون مقابل، فإن قرار حزب العمال لن يكون بهذه البساطة، ولا يمكن أن يُقدَّم مجاناً".

خطوة تاريخية

وكان حزب العمال الكردستاني قد أعلن في وقت سابق اليوم، عبر وكالة فرات للأنباء، أنه سحب جميع قواته من الأراضي التركية إلى مناطق شمال العراق، في إطار "نداء السلام والمجتمع الديمقراطي" وعملاً بقرارات المؤتمر الثاني عشر للحزب.

وجاء في البيان أن هذه الخطوة تأتي "تحسبًا لأي صدامات محتملة، ولتهيئة الأرضية المناسبة لعملية الانتقال إلى المرحلة الثانية من نداء السلام والمجتمع الديمقراطي"، مؤكدًا أن "القرارات المتخذة في المؤتمر الثاني عشر تشكل أساسًا للتحول السياسي والديمقراطي وضمان الاندماج في مسار الحرية والديمقراطية دون عراقيل".

وكان مقاتلو الحزب قد بدأوا، في يوليو الماضي، إتلاف أسلحتهم قرب مدينة السليمانية شمال العراق، في خطوة رمزية وصفت بأنها مهمة في طريق إنهاء الصراع الممتد منذ عقود بين أنقرة والحزب.

ويُذكر أن الحزب كان قد أعلن في مايو الماضي حلّ نفسه وإنهاء الكفاح المسلح استجابة لدعوة من زعيمه عبد الله أوجلان، ما اعتُبر تطورًا نوعيًا في مسار العلاقة بين الحركة الكردية والدولة التركية.

قد يهمك