شهد متحف اللوفر في باريس، الذي يعد أحد أهم المتاحف العالمية وأكثرها استقبالًا للزوار، حادثًا لافتًا أثار جدلًا واسعًا بعد تعرض مئات الكتب والوثائق الخاصة بقسم الآثار المصرية لأضرار جسيمة نتيجة تسرّب مياه داخل إحدى قاعات التخزين. ورغم تأكيد إدارة المتحف أن القطع الأثرية نفسها لم تتعرض للتلف، إلا أن حجم الضرر الذي طال المراجع التاريخية أثار تساؤلات حول مستوى الصيانة ومسؤولية المؤسسات الدولية في حماية التراث غير الأوروبي.
الحقيقة أن هذا الحادث إنما يدل على إهمال جسيم واضح وخطير للغاية، لعدة أسباب أهمها أنه خسارة للذاكرة العلمية.
فهذه الكتب تعد أرشيفًا لا غنى عنه للباحثين، وبعضها لا تتوافر منه نسخ كثيرة حول العالم.
وهو أيضًا ضربة للبحث الأكاديمي، لأن هذا القسم، وهو قسم المصريات في اللوفر، واحد من أهم المراكز البحثية عالميًا، وتلف مراجع أساسية يؤثر على الدراسات المستقبلية.
كشف ضعف أنظمة الحماية
إذا كانت الوثائق البحثية قد تعرضت للتلف، فماذا عن المخازن الداخلية؟ وماذا لو كان التسرّب أكبر؟ ماذا كان سيحدث، بالإضافة إلى أنه مساس حقيقي بالتراث المصري؟
وبما أن تلك الوثائق توثق آثارًا مصرية، فإن ما يحدث يمس مصر معنويًا وثقافيًا بشكل مباشر، فلابد من التحرّك من اليونسكو وأيضًا وزارة الثقافة المصرية. وإن كانت فرنسا غير قادرة على حماية المخطوطات والمراجع، فأعتقد أن مصر تملك قوة عظيمة في الحفاظ على تراثها.
حادث تلف المراجع المصرية في متحف اللوفر ليس مجرد قصة عابرة، بل ناقوس خطر يشير إلى هشاشة منظومة الحفاظ على التراث العالمي. لقد أثبتت الواقعة أن الوثائق والمراجع لا تقل أهمية عن القطع الأثرية نفسها، وأن الإهمال البسيط قد يؤدي إلى خسائر فادحة في الذاكرة الإنسانية.
ولذا فإن الوقت قد حان لفتح حوار عالمي جاد حول حماية التراث، ليس عبر العرض فقط، بل عبر الصيانة والمتابعة الدورية لضمان أن تبقى حضاراتنا حية، محفوظة، وآمنة للأجيال القادمة. لذلك أرى أن رقمنة المتاحف باتت ضرورة ملحّة، وهذا ما تقدمت به من مشروع لمعالي وزير الخارجية المصري للحفاظ على تراثنا حول العالم.