شهدت العاصمة المصرية القاهرة، مساء أمس السبت 13 سبتمبر، أمسية ثقافية بمركز آتون للدراسات لمناقشة وتوقيع كتاب "مئوية ثورة الشيخ سعيد بيران (1925 – 2025)"، الدي صدر مؤخراً للأستاذ الدكتور محمد رفعت الإمام أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر وعميد كلية الآداب بجامعة دمنهور السابق.
يأتي الكتاب كأحدث منشورات مركز آتون للدراسات، وقد شارك في مناقشته على المنصة الرئيسية خلال هذه الأمسية الدكتور أحمد جلال بسيوني، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، والدكتور على ثابت صبري، مدرس التاريخ الحديث، فيما أدرات الندوة الدكتورة فرناز عطية الباحثة والكاتبة المتخصصة في العلوم السياسية.
مرحلة مهمة
ويأتي صدور الكتاب ليواكب مرور مئة عام على ثورة الشيخ سعيد بيران، التي اندلعت عام 1925 ضد سياسات التتريك والإنكار، حيث تمثل الندوة فرصة للتوقف أمام الإرث التاريخي والسياسي لثورته، في ربيع عام 1925 كأول ثورة كردية قومية مسلحة ضد الجمهورية التركية، التي تواطأت ضد الكرد وأقامت نظاماً قومياً أحادياً متطرفاً، وأنكرت جميع حقوق الكرد ثاني أكبر مكون في تركيا، بل ويسبق وجودهم في شرق الأناضول الوجود التركي نفسه.
وقد استند الأستاذ الدكتور محمد رفعت الإمام بشكل رئيسي في كتابه على ترجمة الكتاب الذي أصدرته جمعية خويبون الكردية الوطنية بالقاهرة عام 1928 بعنوان "الإبادة الكردية في تركيا"، والذي كتب باللغة التركية العثمانية ليوثق ثورة الشيخ سعيد، بدءً من دوافعها مروراً بملابساتها وأحداثها، وأخيراً تداعياتها والاستعداد لجولة نضالية أخرى، كأول وثيقة كشفت مخططات الدولة التركية لنفي الكرد وصهرهم وإبادتهم مادياً ومعنوياً، ورصدت محطات فارقة علي درب النضال الكردي ضد الاستبداد التركي.
د. فرناز عطية خلال تقديم الأمسية
وفي هذا السياق، قالت مقدمة الأمسية الدكتورة فرناز عطية – وهي تستعرض بعض المعلومات عن الكتاب – إن "مئوية ثورة الشيخ سعيد بيران" يأتي ليوثق مرحلة مهمة من النضال الكردي في مواجهة محاولات تذويب الهوية، منوهة إلى أن المواطن الكردي يولد وحياته قائمة على الكفاح والنضال من أحل العيش الكريم والحرية. مشددة على أن هذا الكتاب يحمل أهمية كبيرة؛ كونه يمثل توثيقاً لمئوية ثورة الشيخ سعيد بيران، التي تشكل نقطة مهمة في تاريخ النضال الكردي الذي يتواصل جيل وراء جيل.
بين صفحات الكتاب
وفي كلمته، استعرض الدكتور أحمد جلال بسيوني المكونات الرئيسية للكتاب، حيث يشمل 3 محاور، هي استعراض لتاريخ القضية الكردية والنضال الكردي، ثم دور مصر تجاه الكرد والعلاقة معهم خاصة في الجانب المعرفي والثقافي، ثم ترجمة الكتاب الأصلي الذي وثق مرحلة الشيخ سعيد بيران.
د. أحمد جلال بسيوني خلال استعراضه جانباً من الكتاب
وأكد بسيوني أن فهم هذا الكتاب وثورة الشيخ سعيد بيران يتطلب فهم هذه المرحلة التاريخية والسياق الذي نشأ فيه، إذ أن ثورته أتت نتاجاً لتحولات تاريخية كبرى، من معركة جالديران عام 1514، وحتى قدوم مصطفى كمال أتاتورك الذي لم يقبل تحت أي بند من البنود أي قومية أو ديانة سوى العنصر التركي أو جامعة للعنصر التركي فقط.
رصد مهم
بدوره، أكد الدكتور علي ثابت صبري مدرس التاريخ أن الكتاب يمثل مرحلة مهمة في تاريخ النضال الكردي، وهو إصدار يأتي من مصر والتي بما تملك من مكانة فإنها تعط استمرارية للقضية التي يتم الدفاع عنها. ولفت إلى أن الكتاب ركز على التأصيل الحضاري والجغرافي والتاريخي للكرد كشعب حضاري، لكي يعرف الجميع من هم الكرد، وكيف وقعوا فريسة للمطامع الصفوية والعثمانية.
د. علي ثابت صبري
ويلفت أيضاً إلى أن الكتاب تناول عمليات الإبادة الجماعية والتهجير التي طالت الكرد، في إطار عملية تفريغ كردستان، كما أنه تضمن رصداً مهما لحركات التحرر الكردية من الأمراء الكرد ثم الشيخ سعيد بيران وصولا إلى القوميين الكرد، وبالتالي من خلاله يمكن الإمساك بأطراف الحركة الوطنية الكردية.
دور محوري لمصر
انتقلت الكلمة إلى مؤلف الكتاب الأستاذ الدكتور محمد رفعت الإمام، والذي تحدث باقتضاب عن الكتاب، مبدياً شكره للحضور الكريم وسعادته بإصدار هذا الكتاب، وقال إنه لكي نفهم ثورة الشيخ سعيد بيران كان لا بد من فهم السياق الذي صدرت فيه الثورة، ولهذا كان لا بد من استعراض هذا السياق وهذه المرحلة التاريخية في الكتاب.
في المنتصف د. محمد رفعت الإمام خلال الأمسية
ويضيف هنا أن الكتاب الأساسي الذي تمت ترجمته ظهر في مصر، وبالتالي كان لا بد من معرفة لماذا مصر هي التي صدر منها هذا الكتاب، وكثير من المطبوعات الكردية، وكذلك المطبوعات الخاصة بقوميات أخرى في الشرق الأوسط صدرت من القاهرة، منوهاً في هذا السياق إلى الدور الذي لعبته مصر فيما يتعلق يهذه القوميات وقضاياها.
أبرز الحضور في الندوة، السفير/شريف شاهين مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، والدكتورة سحر حسن أحمد الباحثة في علم التاريخ، والدكتورة عزة محمود الباحثة المتخصصة في شؤون الثقافة، والملا ياسين رؤوف ممثل الاتحاد الوطني الكردستاني في مصر، وأحمد محمد إنبيوة الباحث في علم التاريخ، والباحث السياسي محمد صابر، وغيرهم.