في الوقت الذي تطلعنا فيه إلى خطوات عملية لمسار حل القضية الكردية، بعد أن تشكلت لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية بالبرلمان التركي واعتبارها خطوة تاريخية، والأكثر عملية والتي قامت بها تركيا منذ الأول من تشرين، ورغم أنها لم تتشكل بالقانون، إلا أنها تميزت بالتنوع بما يمكنها من أن تساهم في حل القضية الكردية وتعزيز الديمقراطية بتركيا.
ورغم أن اللجنة تستهدف العمل على المناطق التي تظهر فيها المشاكل، وإظهار إرادتها لحل مشكلة استمرت على مدى قرن من الزمان، والتوصل إلى الاتفاق على ١٢ نقطة عمل، إلا أن المراقبين لخطوات الحل فوجئوا خلال الأيام الماضية بما سيؤثر على هذه الجهود، بعد اتفاق الدفاع المشترك بين دمشق وإسطنبول بما يسمح بالتدخل التركي في شؤون سوريا.
واستقواء الشرع بالجانب التركي لدعم موقفه وحكومة دمشق، بعد أن تبين للمراقبين فشل هيئة تحرير الشام في إدارة المرحلة الانتقالية، وارتكابها مجازر بحق المكونات السورية، والوقوف ضد إطلاق مسار للعدالة الانتقالية بما يضمن عودة آمنة وكريمة للمهجرين، ورفض التغيير الديموغرافي لضمان وصون وحدة سوريا، فضلاً عن الهروب من دعم كونفرانس وحدة الموقف لمكونات شمال وشرق سوريا، الذي انعقد بالحسكة وبإرادة سورية مشتركة من جميع المكونات الأصيلة، للوصول إلى بناء سوريا الجديدة القائمة على المشاركة والحضور الحقيقي لكافة المكونات السورية الوطنية بمؤسساتها السيادية، وعقدها الاجتماعي، ومؤتمرها الوطني الشامل الذي يضم كافة أبناء وبنات سوريا، بعيداً عن الأحادية القومية أو الدينية أو الذكورية المتبعة حالياً بدمشق.
ولا يمكن إغفال التقارير التي أشارت إلى المساعي التركية لعرقلة التفاوض بين الحكومة الانتقالية وممثلي شمال وشرق سوريا بباريس، وهو ما أدى بالفعل إلى إعلان وكالة الحكومة الانتقالية في سوريا رفض حكومة دمشق التفاوض مع ممثلي شمال وشرق سوريا، في رد سريع على وحدة الموقف لمكونات شمال وشرق سوريا.
وفي الوقت الذي زعم فيه المتحدث باسم الحكومة الانتقالية أن الكونفرانس لا يمثل إطاراً وطنياً جامعاً، وأنه محاولة لتدويل الشأن السوري واستجلاب التدخلات الأجنبية، نجده ينسف كل تصريحاته المتناقضة بمطالبته ودعوته للوسطاء الدوليين لنقل جميع المفاوضات إلى دمشق!!
من المؤكد أن مذكرة التفاهم العسكرية بين هيئة تحرير الشام مع تركيا، التي تستهدف تسليحها كدعم لوجستي وتبني التدريب والاستشارات العسكرية، تعد تحولاً في طبيعة العلاقة بين الطرفين، وإن كان سيؤدي إلى توسيع تأثير أنقرة في سوريا.
كما أن التقارب بينهما ربما يشير إلى رسائل تحذيرية لكل من إسرائيل وقوات سوريا الديمقراطية بعدم تهديد الاستقرار السوري الجديد.
أتصور أنه، بعد التصريحات الصادرة من حكومة دمشق الانتقالية في إمكانية التعاون مع المكونات السورية المختلفة مع بداية تصديهم للمشهد، ومع ما يحدث حالياً من خرق للاتفاقيات والتفاهمات خلال المقابلات، قد يدفع باتجاه استمرار دخول سوريا في النفق المظلم والمجهول، خاصة وأن بعض الأحزاب السياسية شككت في نية الحكومة التركية لحل القضية الكردية.
بلا شك استغلت تركيا تراجع دور إيران والفصائل الموالية لها في الشمال، مع انسحاب أو تحجيم وجودها، مما سيؤدي إلى تزايد نفوذها في مواجهة إمكانية بزوغ تحالف للكرد مع العراق وإيران والداخل التركي. ولابد من إدراك أن التركي عنده صندوق انتخابات قادم، والكرد لهم تأثير في هذا الصندوق، وخاصة وأن تركيا تحاول تحسين صورتها دوماً أمام المجتمع الدولي بحرصها على تصدير صورة التنوع للوصول إلى الديمقراطية.
من الأهمية، إذا عملت لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية بشكل سليم، تستطيع إجراء تغييرات على الممارسات غير الديمقراطية خلال مجموعات العمل، فضلاً عن الأمل في تعديل القوانين واللوائح من أجل تمهيد الطريق وتنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن حماية حقوق الأقليات للمشاركة في الاستحقاقات الدستورية والانتخابات النيابية والتشريعية.