بث تجريبي

بدون إحراج .. سيد أبواليزيد يكتب: إنهاء نظام إمرالي

في الوقت الذي يتجه فيه العالم نحو التسلح نظرًا للأزمات والصراعات المتلاحقة بمنطقة الشرق الأوسط وأوكرانيا.. اتجه الكرد نحو حرق الأسلحة في إشارة واضحة ورسالة أساسها تخليص العالم والشعوب من الصراعات والتسليم بالسلام بإلقاء السلاح، حيث إن السلاح يؤدي إلى بركة من الدم.
لذلك لقيت مراسم حرق الأسلحة من مجموعة السلام والمجتمع الديمقراطي صدى واسعًا في العالم أجمع، ومما استدعى القائد الكردي عبد الله أوجلان، وعلى عكس العالم الذي يترك إلقاء السلاح في النهاية كخطوة أخيرة، لكنه جعلها في البداية لحل القضايا.
بلا شك أظهر الكرد للعالم أنهم يريدون الدخول في عصر جديد بدون حمل السلاح وعدم خوض الكفاح المسلح، وهدفهم سن قوانين الحرية وبناء دستور ديمقراطي متوافق، حيث إن ديمقراطية تركيا يريدها الكرد، ويتم فعل ذلك والتوجه لها مع قوى تسعى إلى الديمقراطية.
أدرك أن الكرد يريدون ديمقراطية تركيا بدستور ديمقراطي، وأن حرية القائد آبو تمثل حرية المجتمع الكردي، ولذلك من المتصور على من هم في تركيا أن يجعلوا هذا في صلب أجندتهم.
وكشف لي الفيلسوف الهندي الحكيم (بيدما)، مؤلف كتاب كليلة ودمنة عن الحيوانات، في حلم وردي جميل عن إمكانية إطلاق سراح المفكر الكردي عبد الله أوجلان باعتباره رمزًا للقضية الكردية، استنادًا إلى الحراك السياسي والواقع الجيوسياسي، متحفظًا على الحلول السياسية والأمنية والتداعيات الإقليمية المعقدة.
وبدأ يشرح لي خطوات مرسومة لتحقيق هذا الهدف من خلال حدوث انتقال ديمقراطي بعد انتخابات غير متوقعة، يفوز فيها تحالف سياسي يضم قوى يسارية وكردية ووسطية، واتجاه الحكومة الجديدة لمصالحة وطنية شاملة تشمل الملف الكردي كأولوية تحت شعار "تركيا الجديدة لكل شعوبها".
ولمّح لي إلى أهمية الضغط الدولي لضمان تأثيره، ويبدو أن الفيلسوف بيدما لم يخفِ تعاطفه مع المظاهرات السلمية الحاشدة بديار بكر ومدن تركية أخرى للمطالبة بالإصلاح الحقيقي وفتح باب المصالحة مع الأكراد، مشيرًا لي إلى أن ضغط المنظمات الدولية والأوربية لتحسين أوضاع السجناء السياسيين ينبغي أن يرتبط بانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.
ولم ينسَ الفيلسوف بيدما الإشارة لي إلى أهمية بدء مفاوضات سرية بين أوجلان والدولة التركية عبر وسطاء من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ويعقب هذه العملية إصدار البرلمان التركي قانونًا خاصًا بالمصالحة الوطنية يشمل العفو عن أوجلان مقابل تخليه الرسمي عن العنف وإعلان نهاية الكفاح المسلح، وهي الخطوة المُعلنة منذ أسابيع، ثم نقل أوجلان من سجن إمرالي لإقامة جبرية بأحد المقرات الحكومية ضمن ترتيبات أمنية، ثم إتاحة الفرصة أمامه للانخراط في العمل السياسي السلمي بترشيحه للبرلمان ضمن حزب سياسي كردي تركي.
ويبدو أن الفيلسوف بيدما لم يخفِ انزعاجه ويُبدي خوفه من ردود الفعل بالداخل التركي من معارضة شرسة من جانب القوميين، والترحيب الحذر من أوروبا وأمريكا لاستمرار العملية السلمية، مؤكدًا على أن إطلاق سراح أوجلان سيُعد من أكبر التحولات السياسية بتاريخ تركيا الحديث، ويتطلب ذلك توافقًا داخليًا ودوليًا واسع النطاق.
استيقظت على واقع أن كل ما تم اتخاذه حاليًا من الجانب التركي ينحصر في تخفيف العزلة قليلًا، ولا زالت مستمرة، وبالتالي لاتخاذ خطوات جديدة من جانب الكرد يتطلب تغيير ظروف وشروط عمل القائد آبو من إنهاء نظام إمرالي، خاصة وأن كل الخطوات التي تم اتخاذها مؤخرًا كانت بمبادرة شخصية منه وهي أحادية الجانب، ومن هنا من المأمول اتخاذ الجانب التركي خطوات أيضًا نحو تقدم العملية السلمية.
ولكي يذهب من يُلقي السلاح لإضرامه وحرقه، فلا بد من توفير الأمان له من عدم إلقاء القبض عليه وزجه بالسجون، مما يتطلب إحداث تغييرات بالقوانين، حيث إن قوانين مكافحة الإرهاب لا زالت موجودة، وبلا شك يمثل له هذا مشكلة أمنية، مما يستدعي ضرورة تحقيق أمنه بتواجده وسط المجتمع الكردي.
من المتعارف عليه أن أوجلان أمل كبير بين القوى المناضلة ضد الرأسمالية في العالم.. بل إنه حقيقة وطنية للكرد من بين مجموعة صغيرة وصلت إلى مستوى عالمي، ولا يمكن ممارسة السياسة بدون الحركة الآبوجية والكرد والنساء، وإن آبو لا يتعامل بمنهج دوغماتيكي بل ينظر لهدفه فقط ويأخذ في اعتباره ما يخدم هدفه.

قد يهمك