بث تجريبي

بدون إحراج/ .. سيد أبواليزيد يكتب: الحق في الأمل

 طرح ومناقشة دعوة الحق في الأمل علي جدول أعمال الأمم المتحدة خلال الأيام القادمة يعتبر خطوة هامة ورمزية، في التوجه نحو عالم أكثر مرونه وعدالة ورحمة بما يرسخ لدينا وفى أذهاننا إنسانية القانون، وبما يشكل معنى أعمق لمفهوم العدالة، وفي إطار السعى  نحو الترميم والتجديد لتجاوز العقاب المشدد.

ولذلك تأتى الدعوة التاريخية لحركة الصداقة بين الشعوب ضد العنصرية، لدعم دعوة السلام والمجتمع الديمقراطي لاستعراضها علي جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجلستها الـ 59 فرصة طيبة وجادة لدفع المسؤلين بتركيا للتجاوب مع قرارات محكمة حقوق الإنسان الأوربية ومقترحات لجنة مناهضة التعذيب الصادرة العام الماضى

وإذا كانت المحكمة الأوربية قد ارتأت في قراراتها أن السجن المؤبد بدون أمل او إمكانية الإفراج المشروط في المستقبل البعيد ينتهك المادة 3 من اتفاقية مباديء حقوق الإنسان الدولية، وأن أى نظام أو قرار أو حكم عقابى لا يتيح للمسجون فرصة لإعادة النظر في قضيته، أو إمكانية إعادة إدماجه الاجتماعى  يعتبر غير إنساني.

ومن هنا التزم تقرير حركة الصداقة بين الشعوب والمقدم لمجلس حقوق الإنسان بالتأكيد علي أن للقائد الكردى عبدالله أوجلان (حق الأمل) طبقاً لقرارات محكمة حقوق الإنسان الأوربية فى 18 مارس من العام الماضى، بخصوص الحكم عليه بالسجن المؤبد دون إمكانية الإفراج المشروط، وهو ما يعد تعذيباً وأنه ينبغى للحكومة التركية تقييمها من جديد ولكل محكوم عليه.

ولا يمكن تجاهل أيضاً إدراج لجنة وزراء مجلس أوروبا فى اجتماعها المنعقد خلال سبتمبر ٢٠٢٤ وعلي جدول أعمالها ما يؤكد علي أن هذه الأحكام تعد تعذيباً، وأنه ينبغى تطبيق آلية تقييم جديدة لكل محكوم.

وفى اجتماع لجنة مناهضة التعذيب خلال شهر يوليو من العام الماضي، أوضح المسئولون الأتراك أن ١،٢٤% من السجناء فى السجون والبالغ عددهم ٤٣٤٨ مسجوناً حكم عليهم بالسجن المؤبد المشدد دون الحق في الإفراج المشروط.

وإذا كانت هناك غالبية منزعجة من أن هؤلاء السجناء وأوجلان مجبرون علي تحمل النتائج الثقيلة والمريرة لهذا النظام، نظراً لأنه يتعارض مع الرسالة العالمية للأمم المتحدة، والتى تستهدف الوقوف ضد كل أنواع الإحباط واليأس وتؤمن بالكرامة وإتاحة الفرص للجميع.

ومن المتصور لأى نظام عقابي لا يتيح للمسجون فرصة لإعادة النظر في قضيته أو إمكانية إعادة إدماجه الاجتماعى يعتبر غير إنساني.

وليس أدل علي ذلك ما جاء في قسم النتائج والاقتراحات من التقرير أن نظام العزلة المفروض علي عبدالله أوجلان والمحكومين الآخرين ينتهك القانون الدولى، وهو أحد أكبر العراقيل التى تواجه حل القضية الكردية، حيث يعول المجتمع الدولي علي دور تركيا الإقليمى، ولكنه لا يمكنه تجاهل انتهاكات حقوق الإنسان عندها، وخاصة الانتهاكات ضد أصوات المعارضة والأقليات وفي مقدمتها الشعب الكردى لضمان نجاح عملية السلام والتحول الديمقراطي.

وذكر التقرير أن سبب فرض نظام العزلة على عبدالله أوجلان هو تأثيره على الشعب الكردى وأن الاستمرار في العزلة يبدى موقفاً سلبياً حيال المجتمع الكردى.

كما تم الإعلان عن وجود نظام عزلة خاص في إمرالى، حيث تم ذكر أنه بالخبرات المكتسبة من النظام الخاص في سجن إمرالى حيث يسجن عبدالله أوجلان منذ فبراير ١٩٩٩، وقد أنشأ النظام السياسي التركى نظام السجون الحالي، وأعيد تأسيس إمرالى كمنطقة خارج النظام القانونى التركى، ولم تطبق المعايير القانونية العامة التى لم تطبق هناك، أو عدلت خصيصاً من أجل إمرالي.

وأشار التقرير بشكل خاص إلي مستوى العزلة في إمرالى ورصد الـ١٢ عام الأولي، حيث كان مدة لقاء أوجلان مع المحامين ساعة في الأسبوع، وهذا اللقاء كان يلغي أحياناً، بحجة حدوث عطل فى القارب أو لسؤء الأحوال الجوية منذ ٢٧ يوليو ٢٠١١.

وأكد التقرير أنه على القائد آبو أن يكون له حق الأمل متماشياً مع ما أصدرته محكمة حقوق الإنسان الأوربية في ١٨مارس ٢٠١٤ بخصوص أوجلان بأن الحكم بالسجن المؤبد المشدد دون إمكانية الإفراج المشروط ينتهك معيار حق الأمل في الاتفاقيه الأوربية لحقوق الإنسان.

أتصور أن الحق فى الأمل له أهمية سواء من الناحية القانونية أو الأخلاقية أو الإنسانية؛ باعتبارها تسهم في إعادة اعتبار الكرامة الإنسانية، حيث أن الحق في الأمل يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالكرامة الإنسانية والتأكيد على أن كل إنسان مهما كانت ظروفه سجيناً، أو لاجئاً أو فقيراً أو ضحية نزاع يستحق فرصة فى مستقبل أفضل.

والحق فى الأمل إذا لم يكن منصوصاً عليه بوضوح في المواثيق، إلا أنه يتقاطع مع العديد من الحقوق الأساسية سواء الحق في الحياة أو الحرية، أو الحق في التعليم والعمل والرعاية الصحية والعدالة وإعادة الإدماج بعد العقاب.

والحق في الأمل قد يدفع الدول لتبنى سياسات الصلاحية  في العدالة الجنائية، ومنها تقليل ومنها تخفيف الأحكام بالسجن المؤبد، دون مراجعة وتشجيع برامج لإعادة إدماج المحكومين عليهم وفتح فرص ثانية للمخطئين بدلاً من الإقصاء الدائم.

ومن المأمول إذا اعترف مجلس حقوق الإنسان لهذا الحق أو ناقشه بشكل جاد، فإن ذلك سيشكل ضغطاً دولياُ علي الدول التى لم تلتزم أو تطبق سياسات تقصى أو تحرم الأفراد من فرص الأمل والتغيير من السجن المؤبد بدون مراجعة أو منع العودة للمجتمع بعد قضاء العقوبة.

ندرك أن الأمل عنصر جوهرى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ لأنه يحفز الناس علي السعي لتحسين ظروفهم. وإنكار هذا الحق يضعف الحافز الفردي والجماعي نحو التغيير.

وإذا كانت قرارات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة غير ملزمة قانونياً ألا أنها تحمل قيمة سياسية وأخلاقية، وعدم تنفيذ قرارتها يؤدى لتدهور السمعة الدولية  للدولة الرافضة للتنفيذ باعتبارها تتجاهل المباديء الدولية لحقوق الإنسان، مما يؤثر علي صورتها أمام المجتمع الدولي وتقييد المساعدات التنموية.

ولذلك وجدت حرص حركة الصداقة بين الشعوب ضد العنصرية دعوة المسؤلين الأتراك لتنفيذ قرارات محكمة حقوق الإنسان الأوربية، ومقترحات لجنة مناهضة التعذيب ولجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

من المؤكد أن عدم تنفيذ القرار يفقد الدولة مصداقيتها القانونية مع اتخاذ إجراءات تصاعدية ضدها، بحيث تشمل الضغوط الدبلوماسية، وتعليق حق التصويت والطرد من مجلس أوروبا.

قد يهمك