أعلن الفاتيكان، صباح الإثنين، وفاة البابا فرنسيس عن عمر ناهز 88 عامًا، بعد مسيرة طويلة من الخدمة الدينية والإنسانية، وهو ما أدخل الكنيسة الكاثوليكية في مرحلة "فراغ الكرسي الرسولي"، حيث تنتقل الصلاحيات المؤقتة إلى الكاردينال الإيرلندي كيفن فاريل بصفته "الكمرلينج"، المسؤول عن إدارة الشؤون اليومية للفاتيكان وتنظيم المرحلة الانتقالية لحين انتخاب بابا جديد.
أكّد الكاردينال فاريل نبأ الوفاة بكلمات مؤثرة قائلاً: "في هذا الصباح، عند الساعة 7:35، عاد أسقف روما، فرنسيس، إلى بيت الآب، لقد كرّس حياته كلها في خدمة الرب وكنيسته".
وبموجب التقاليد الكنسية، يصبح فاريل المسؤول الأول عن تسيير شؤون الكرسي الرسولي، وهي مسؤولية إدارية بحتة لا تشمل أي من صلاحيات البابا التشريعية أو الروحية.
وُلد كيفن فاريل في دبلن عام 1947، وبدأ مسيرته الكهنوتية في المكسيك ثم انتقل إلى الولايات المتحدة، حيث صعد داخل سلم الكنيسة الكاثوليكية حتى عُيّن أسقفًا لواشنطن في 2001 من قِبل البابا يوحنا بولس الثاني.
وفي عام 2016، استدعاه البابا فرنسيس إلى الفاتيكان لتولي قيادة دائرة "العلمانيين والعائلة والحياة"، وهي بمثابة وزارة معنية بشؤون العائلات والمؤمنين.
وفي العام نفسه، حصل فاريل على رتبة كاردينال، ثم عُيّن رسميًا في منصب "الكمرلينج" عام 2019 خلفًا للكاردينال الفرنسي جان-لوي توران، الذي توفي في عام 2018.
ورغم أن "الكمرلينج" يتولى زمام الأمور إدارياً في الفاتيكان خلال فترة الفراغ البابوي، إلا أن صلاحياته لا تشمل تعيين الكرادلة أو اتخاذ قرارات عقائدية، وذلك وفقًا للدستور الرسولي الذي يُقيّد ممارسة السلطة البابوية فقط بشخص البابا، سواء أثناء حياته أو بعد انتخاب خليفته.
وتتضمن مهام فاريل توثيق الوفاة رسميًا، إبلاغ الكنيسة والمؤمنين، وتنظيم ما يُعرف بـ"الاجتماعات التمهيدية" التي يحضرها الكرادلة لتحديد تفاصيل الجنازة، وموعد عرض الجثمان للعامة، وتاريخ انعقاد الكونكلاف (المجمع المغلق) الذي يُنتخب خلاله البابا الجديد، والذي يُفترض عقده بين اليوم الخامس عشر والعشرين بعد الوفاة.
ويُشار إلى أن منصب الكمرلينج يحتفظ بخصوصيته داخل الفاتيكان، إذ يُعد المسؤول الوحيد الذي يستمر في أداء مهامه بعد وفاة البابا، بينما تُعتبر جميع المناصب الأخرى، بما فيها رؤساء الدوائر الكنسية، شاغرة لحين انتخاب بابا جديد.
ووفق ما نقلته قناة "فرانس.إنفو"، كانت تقاليد قديمة تفرض على الكمرلينج التأكد من وفاة البابا عبر طرق رأسه بمطرقة فضية صغيرة ثلاث مرات، وهو تقليد أُلغي منذ وفاة البابا بيوس الثاني عشر عام 1958، لكن بقت رمزيته حاضرة في الذاكرة الفاتيكانية.
وتأتي وفاة البابا فرنسيس في وقت حرج بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية، حيث تواجه تحديات تتعلق بالإصلاح الداخلي، والعلاقات مع العالم الإسلامي، وتعزيز دور الكنيسة في قضايا العدالة والمناخ.
ويُنتظر أن يشرف الكاردينال فاريل على واحدة من أكثر مراحل الانتقال البابوي حساسية في تاريخ الفاتيكان الحديث، وسط ترقب عالمي لاختيار الشخصية التي ستقود الكنيسة الكاثوليكية في المرحلة القادمة.
من زوايا العالم
منبر الرأي
فضاءات الفكر
من زوايا العالم
من زوايا العالم
من زوايا العالم
من زوايا العالم