بث تجريبي

فنزويلا بين الانهيار والبقاء: كيف حافظ مادورو على السلطة رغم الأزمات؟

في مشهد سياسي متشابك، يواصل الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو تثبيت موقعه كأحد أطول قادة أمريكا اللاتينية بقاءً في السلطة، رغم السخرية التي لاحقت تصريحاته وتحركاته، ورغم الانهيار الحاد الذي أصاب البلاد سكانيًا واقتصاديًا. ووفقًا لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، يعتمد مادورو على إرث هوجو تشافيز وتحالفات خارجية معقّدة ساعدته في تجاوز سنوات من الأزمات والاحتجاجات والعقوبات.

خليفة تشافيز

توضح الشبكة أن مادورو كان يرى في تشافيز الأب السياسي الذي اختاره لقيادة الدولة، بل إنه سبق أن تحدث عن ظهور تشافيز له على هيئة طائر أو فراشة. ورغم الانتقادات والسخرية من تصريحاته وزلاته، المعروفة باسم "مادورادا"، حافظ على قدرته على البقاء في السلطة.

قبل انتخابه عام 2013، لم يكن يحظى بنفوذ كبير داخل الحزب الاشتراكي الموحد، وسط توتر بين دائرته وأنصار ديوسدادو كابيلو، إلى أن حسم تشافيز الأمر أواخر 2012 بدعم مادورو رسميًا. وبعد توليه الحكم، واجه احتجاجات واسعة، وأزمات انتخابية، وعقوبات دولية، وتوقعات متواصلة بسقوط حكومته.

ورغم ذلك، أصبح مادورو اليوم أطول رؤساء أمريكا اللاتينية استمرارًا في منصبه، بينما فقدت بلاده ملايين السكان ونحو 72% من اقتصادها. بدأ مساره كسائق حافلة وناشط نقابي قبل أن يقترب من تشافيز ويتزوج سيليا فلوريس، التي تصفها مصادر سياسية بأنها صاحبة نفوذ كبير في محيط الحكم.

الدعم الكوبي

وترى "سي إن إن" أن علاقته الوثيقة بكوبا تعد من أبرز عوامل صعوده، إذ ارتبط منذ شبابه بالجمهورية الكوبية، وتقول بعض الروايات إنه تلقى هناك تدريبًا سياسيًا، رغم عدم تأكيد ذلك رسميًا. ومع صعوده إلى وزارة الخارجية عام 2006، أصبح قناة مهمة بين كوبا والحركة التشافيزية، واستفاد من الدعم الكوبي في مواجهة انتفاضة المعارضة عام 2019.

وتشير الشبكة إلى أن هذا التحالف ساعد مادورو في تعزيز خطاب مناهض للولايات المتحدة، وتبرير سياساته الداخلية وتحالفاته الدولية.

وفي انتخابات 2013، فاز بفارق ضئيل أمام هنريك كابريليس، ما أدى إلى موجة اعتراضات واسعة. ومنذ ذلك العام، دخلت فنزويلا في دورة طويلة من الانتخابات المتنازع عليها والاحتجاجات والقمع، تكررت أعوام 2017 و2018 و2020 و2024. حتى الحكومات اليسارية في كولومبيا والبرازيل رفضت الاعتراف بنتائج انتخابات 2024.

يرى خبراء سياسيون أن الحالة الفنزويلية تمثل نموذجًا لبقاء نظام سياسي رغم الضغوط التي أسقطت أنظمة مشابهة في المنطقة.

تكلفة البقاء

وتشير تقارير الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية منذ 2017 إلى انتهاكات واسعة، قالت إنها ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، تشمل التعذيب والعنف الجنسي والإعدامات خارج القانون والاعتقالات التعسفية. وتؤكد الأمم المتحدة استمرار الاضطهاد السياسي دون محاسبة، فيما ترد حكومة مادورو باتهام المنظمة بالانحياز.

اقتصاديًا، انهار الاقتصاد الفنزويلي إلى 28% من حجمه عام 2013، بحسب الأرقام الرسمية، وتلقي الحكومة باللوم على العقوبات الأمريكية. ولم يسجل الاقتصاد أي نمو إلا مرة واحدة عام 2021 بعد سنوات من الانكماش، بينما تستمر البلاد في مواجهة أزمات سوء الإدارة، واقتصاد الحرب، والهجرة الواسعة.

قد يهمك