بث تجريبي

‏ مايكل روبين يكتب: ترامب يتعثر في تصنيف جماعة الإخوان المسلمين

‏أصدر الرئيس دونالد ترامب أمراً تنفيذياً في 24 نوفمبر الماضي لبدء عملية تصنيف فروع جماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية. وقال ترامب موضحاً: “إن جماعة الإخوان المسلمين، التي تأسست في مصر عام 1928، تطوّرت إلى شبكة عابرة للحدود لها فروع في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وخارجه.” ثم خصّ بالذكر فروع الجماعة في لبنان والأردن ومصر. غير أن المثير للاستغراب أنه تجاهل كلاً من تركيا وقطر.

‏يشبه هذا التجاهل، على حدّ وصف الكاتب، أن تحظر المطبخ الإيطالي دون أن تشمل المعكرونة أو البيتزا، أو أن تركّز موارد الدولة كلّها على ملاحقة بائعي طبق أوسّو بوكّو فقط.

‏منذ أن أطاح تميم بن حمد آل ثاني بوالده عام 2013 ليتولى إمارة قطر، استخدمت الدوحة ثروتها الغازية الهائلة لتمويل مشروع نفوذ خارجي لا يقلّ خطورة عن محاولة الصين للسيطرة قبل عقدين. لكن تميم أضاف إلى طموحاته السياسية بُعداً أيديولوجياً واضحاً. فبينما قد يرى ترامب في الأمير شريكاً، إلا أن والدته الشيخة موزة بنت ناصر هي التي ترسم الخط الأيديولوجي. وهي مؤمنة بمشروع الإخوان المسلمين للهيمنة الإسلامية العالمية بقدر ما كان أسامة بن لادن مؤمناً به. ولعل الفارق الأبرز بينهما أن بن لادن كان على استعداد للعيش في كهف لتحقيق رؤيته، بينما تفضّل الشيخة موزة القصور وتمويل من يقوم بالعيش في الكهوف نيابة عنها.

‏وإذا كانت قطر هي “زعيم المافيا” لجماعة الإخوان، التي تحرص على الحفاظ على مظهر الاحترام عبر استمالة الرؤساء ووزراء الخارجية والنواب، فإن تركيا هي “الذراع الأيمن” (الكونسيلييري) الذي ينفّذ المهمات القذرة. فالرئيس رجب طيب أردوغان يقوم بالعمل الذي ترغب قطر في الإبقاء عليه بعيداً عن الضوء. وبينما تزعم الدوحة أن قادة حماس المقيمين لديها هم “مفاوضون”، يساعد أردوغان خلايا حماس الإرهابية على التخطيط لهجمات في إسرائيل انطلاقاً من إسطنبول. لقد أصبحت تركيا الآلية المركزية لدعم الإرهاب من مالي إلى ماليزيا، ومن النرويج إلى نيجيريا. ويخشى القادة الأوروبيون تركيا لا احتراماً لأردوغان، بل لأنهم يدركون أن بإمكانه “أن يقدّم لهم عرضاً لا يستطيعون رفضه”، مهدداً بتفعيل الخلايا الإسلامية المتطرفة داخل الجاليات التركية، خصوصاً في ألمانيا. معظم المنظمات الإسلامية الجامعة في ألمانيا تهيمن عليها جماعة الإخوان، وهي امتداد لموجات لجوء الإسلاميين الفارّين من الأنظمة العلمانية في سوريا ومصر وتركيا خلال ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.

‏قرار ترامب التركيز على الإخوان المسلمين في لبنان صائب، لكنه يتجاوز خطوة أساسية. صحيح أن الاهتمام الدولي غالباً ما ينصبّ على حزب الله في جنوب لبنان، لكن الجماعات السنية المتطرفة تمثّل تهديداً أكبر في مدينة طرابلس الشمالية ومنطقة عكار الفقيرة إلى شمالها. ومع ذلك، فإن تجاهل دور تركيا في صعود حضور الإخوان المسلمين في لبنان يشبه تجاهل دور إيران في نشوء حزب الله هناك.

‏أما الإغفال الآخر فكان في اليمن والإمارات العربية المتحدة. ففريق اليمن في وزارة الخارجية بقيادة الوزير ماركو Rubio يتعامل مع حزب الإصلاح، فرع الإخوان المسلمين في اليمن، وهو إرث بقي من سياسات وزير الخارجية الأسبق أنتوني بلينكن. غير أن الإصلاح يعمل بشكل وثيق مع كل من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومع الحوثيين بصورة متزايدة. وهنا أيضاً تظهر تركيا التي دعمت الحزب في محافظة مأرب الاستراتيجية، أملاً في تحويل نفطها إلى خزائن الإخوان. كما استخدم أمجد خالد، القيادي في الإصلاح والمدير السابق للواء النقل، منصبه لتنفيذ عدة عمليات اغتيال وتفجيرات، بما في ذلك الهجوم على مطار عدن الدولي. وهو اليوم يعترف بأنه يعمل لحساب الحوثيين. وفي الوقت نفسه، عمل المعهد الديمقراطي الوطني بشكل غريب على تمكين الإصلاح في جنوب اليمن، وهو المنطقة الأكثر استقراراً في البلاد.

‏فرع الإخوان المسلمين في الإمارات لا يقل خطراً. فمنذ أكثر من عقد، حاكمت السلطات الإماراتية نحو 100 عضو من الجماعة بتهمة محاولة إسقاط الحكومة والتخطيط للعنف لتحرير سبعة من القيادات المسجونة. وقد حذّرت أبوظبي مبكراً من خطورة الإخوان، وكان تجاهل إدارة أوباما لتحذيراتها إهانة مجانية لا ينبغي لترامب تكرارها.

‏إن خطوة ترامب في التصنيف خطوة متأخرة لكنها مرحّب بها، غير أن تجاهل رعاة الجماعة وأخطر فروعها في المنطقة يشير إلى وجود ارتباك داخل البيت الأبيض ووزارة الخارجية.

قد يهمك