في ليلة الثاني والعشرين من يونيو الماضي، شهدت منطقة الشرق الأوسط واحدة من أوسع وأعقد العمليات الجوية في تاريخ سلاح الجو الأمريكي، عندما نفّذت سبع قاذفات شبحية من طراز B-2 Spirit هجومًا دقيقًا استهدف منشآت إيران النووية في فوردو ونطنز وأصفهان، وذلك خلال ذروة الحرب التي دامت 12 يومًا بين إيران وإسرائيل.
وبحسب تقرير لموقع أمريكي نُشر بعد الحصول على تصريح استثنائي لزيارة قاعدة وايتمان الجوية في ولاية ميسوري، وهي القاعدة التي تضم الأسطول الكامل البالغ 19 قاذفة من هذا الطراز، فإن العملية جاءت بعد أكثر من خمسة عشر عامًا من التدريب والإعداد، واستخدمت خلالها قنابل GBU-57 الخارقة للتحصينات، وهي الأقوى في الترسانة التقليدية الأمريكية. وبعد ساعات من الهجوم، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن “المنشآت النووية الإيرانية دُمّرت”.
وقال العقيد جوشوا فيتالي، قائد الجناح 509 والمسؤول عن العملية الجوية، إن أهم ما ركز عليه خلال المهمة كان ضمان عودة الطيارين بسلام. واستغرقت الرحلة القتالية نحو 37 ساعة ذهابًا وإيابًا، بينما استهلكت كل قاذفة حوالي 757 ألف لتر من الوقود، ليصل الإجمالي إلى أكثر من 5.3 مليون لتر. ويشير التقرير إلى أن هذه الكمية تكفي لقيادة سيارة من طراز “كامري” حول العالم نحو 2200 مرة.
ووفق المعلومات المنشورة، تطلب تنفيذ المهمة مشاركة أكثر من 125 طائرة في عمليات الدعم والتزود بالوقود جوًا، وهو الجزء الأكثر حساسية وتعقيدًا خلال رحلة استمرت قرابة يوم ونصف. ويقول العقيد جاريد كينيش إن قيادة الطائرة ليست التحدي الأكبر، بل الحفاظ على إيقاع عمليات التزود بالوقود خلال المهام الطويلة.
ومن داخل مقصورة B-2، قدّم الطيارون روايات نادرة حول ظروف الرحلة، إذ تتضمن القاذفة نظام تحكم كامل في درجات الحرارة، وتتم متابعة طاقمها طبيًا على مدار المهمة لضبط مواعيد الطعام والراحة. ورغم وجود مراحيض كيميائية داخل الطائرة، يلجأ الطيارون غالبًا إلى استخدام أكياس خاصة لتجنب الانشغال أثناء الطيران.
وبدأت العملية فعليًا قبل يوم من الضربة الجوية، عبر تنفيذ مناورة تضليلية دقيقة عند منتصف ليل 21 يونيو، حيث أقلعت ثلاث قاذفات من الطراز نفسه باتجاه الغرب بهدف تشتيت أي مراقبة محتملة، بينما انطلقت القاذفات السبع الأساسية شرقيًا صوب إيران بسرية تامة. ومع حلول الخامسة مساءً بتوقيت ميسوري، عبرت القاذفات المجال الجوي اللبناني، وانضمت إلى مقاتلات شبحية تابعة للقيادة المركزية الأمريكية مهمتها استدراج الدفاعات الإيرانية، في وقت أطلقت غواصة أمريكية نحو 30 صاروخ “توماهوك” على أهداف في نطنز وأصفهان.
وعند دخول المجال الجوي الإيراني، ألقت القاذفات بعد 40 دقيقة 14 قنبلة GBU-57 على المنشآت النووية. وقال الجنرال فرانك إسبينوزا، أحد مسؤولي التسليح، إن هذه القنبلة تعد من أقوى الأسلحة التقليدية التابعة للجيش الأمريكي، مضيفًا: “إذا أردنا استهداف أي موقع على الأرض، فهذه القنبلة قادرة على ذلك”.
من زوايا العالم