تشهد الساحة اللبنانية تصعيدًا إسرائيليًا متواصلاً في الفترة الأخيرة، تمثل في ضربات واستهدافات متفرقة، إضافة إلى تصريحات سياسية عدائية تجاه الجيش اللبناني ، وسط تبريرات واهية يخشى أن تكون مبرراً لهجوم إسرائيلي واسع النطاق.
في هذا السياق حاور موقع "المبادرة" المحلل السياسي والكاتب الصحفي اللبناني محمد سعيد الرز لقراءة الوضع بين تل أبيب وبيروت إذ يرى أن هذا التصعيد يرتبط بشكل مباشر بمستقبل نتنياهو السياسي وملف المحكمة الذي يهدده، ويسعى عبره إلى خلق مناطق عازلة على الحدود الجنوبية وإضعاف لبنان داخلياً.
كما يلفت الرز إلى الدور الأمريكي في التوتر الحالي، والمبادرات المصرية الرامية للحفاظ على سيادة لبنان ووحدة أراضيه، ما يجعل المشهد العسكري والسياسي معقدًا ومترابطًا.
إلى نص الحوار:
في البداية، كيف ترى التصعيد الإسرائيلي المتواصلل في الفترة الأخيرة ضد لبنان؟
- معظم التبريرات الإسرائيلية للضربات والاعتداءات على لبنان واهية، وهناك دلائل كثيرة على ذلك. فاستهداف حافلة لنقل الطلاب الصغار، أو استهداف مخازن الآليات والجرارات، كلها أمور تُستغل من قبل إسرائيل لتبرير مخططها في لبنان. نتنياهو لم يحقق على الأرض أي إنجاز يُذكر في غزة، والمجتمع الإسرائيلي يسأل عن هذا الإنجاز ويشكك في وجوده، بينما اعترفت 156 دولة بدولة فلسطين، فكيف يمكن القول إن نتنياهو حقق شيئًا؟ إضافة إلى ذلك، هناك ملف المحكمة الذي يهدد مستقبله السياسي.
هل تعتقد أن نتنياهو يحاول إشعال جبهة خارجية جديدة كما فعل في غزة للبقاء في السلطة؟
- صحيح، نتنياهو يهرب إلى الأمام، وهذا الهروب لا يترك له خيارًا آخر سوى لبنان. يتذرع بوجود تهديد من حزب الله الذي أعاد بناء ترسانته العسكرية، بينما وزير دفاعه ووزير الحرب الإسرائيلي، كاتس، صرح منذ ثلاثة أشهر أن إسرائيل قضت على 80% من أسلحة الحزب. لذلك فإن ادعاءات إعادة بناء الترسانة العسكرية تدخل في باب التبريرات فقط.
ماذا عن الأهداف الأخرى لهذا التصعيد؟
- أحد أهداف نتنياهو هو خلق مناطق عازلة للكيان الإسرائيلي. سبق أن فعل ذلك في سوريا وغزة، والآن يسعى لشريط عازل على طول الجنوب اللبناني بعمق خمسة كيلومترات، خالٍ من السكان والمزارع والمباني. هذه الاستراتيجية تهدف إلى تهجير السكان وإنشاء مناطق عازلة أوسع، وهو يستخدم هذا التصعيد لتبرير سياساته الداخلية ومحاولة تعزيز موقعه السياسي، بينما لا يرغب في السلام مع لبنان.
كيف ترى تأثير هذه السياسات على الجيش اللبناني؟
- المواقف الإسرائيلية تستهدف أيضًا الجيش اللبناني بشكل مباشر. هناك هجمات انتقادية للجيش وقوات اليونيفيل، رغم أن الجيش اللبناني تمكن خلال عام من تنفيذ مهامه في حماية جنوب نهر الليطاني ومنع أي خرق من حزب الله، بما في ذلك تدمير حوالي 600 مركز لحزب الله وصادر أسلحتها المخزنة. هذه الانتقادات موجهة بشكل واضح إلى القيادة اللبنانية، خصوصًا رئيس الجمهورية الذي كان قائدًا للجيش، والآن القائد الأعلى للجيش تحت إمرته.
وما دور الولايات المتحدة في هذا التصعيد؟
- هناك مساهمة أمريكية بشكل غير مباشر، مثل إلغاء زيارة قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل إلى الولايات المتحدة، وذلك بعد اعتراضه على السياسات والخروقات الإسرائيلية. إذ ركزت الانتقادات على الجيش اللبناني بشكل عام، وليس على حزب الله فقط، بينما تقرير الأمم المتحدة وثق 7300 خرق إسرائيلي منذ العام الماضي، مقابل عدم قيام حزب الله بأي خرق.
هل يمكن القول إن المواجهة المقبلة ستكون بين إسرائيل ولبنان ككل، أم ستظل مواجهة إسرائيل وحزب الله فقط؟
الوضع غير واضح، ونتنياهو يسعى لتأمين حدوده الشمالية قبل أي مواجهة محتملة مع إيران، وفي الوقت نفسه يستخدم لبنان كوسيلة للضغط. حزب الله أعلن أنه سيستخدم سلاحه للدفاع عن لبنان فقط، ولم يحدد موقفه من أي مواجهة مستقبلية مع إسرائيل.
ماذا عن جهود تخفيف حدة التوتر أو إيجاد حل دبلوماسي؟
- نعم، هناك مسعى مصري مستمر منذ فترة، تواصلت فيه عدة أسئلة مع القيادات اللبنانية الشرعية، بما في ذلك رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة، بهدف تطوير المبادرة لضمان مقومات الدولة الوطنية، ووحدة لبنان واستقلاله وسيادته على كل أراضيه.