يعمل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو" على تحديث وتوسيع قدراتهما اللوجستية في القارة الأوروبية استعدادًا لصراع محتمل مع روسيا، من خلال تسهيل نقل القوات والأسلحة والذخائر والوقود من غرب أوروبا إلى خطوط المواجهة في الشرق. وبحسب وثيقة حصل عليها موقع "بوليتيكو"، تخطط المفوضية الأوروبية لضخ تمويلات جديدة وتقليص الإجراءات البيروقراطية لتسريع الحركة العسكرية داخل الاتحاد.
وتشمل المبادرات إنشاء كتالوج للتنقل العسكري السريع للأصول ذات الاستخدام المزدوج، ونظامًا رقميًا لمنح تراخيص الحركة، إلى جانب دعم شبكة مراكز اختبار الطائرات المسيّرة الخاصة بالدفاع المدني. ويتركز جانب مهم من الخطة على تحديد ورسم خرائط لـ500 نقطة حيوية في القارة، تشمل جسورًا وأنفاقًا وموانئ قد تشكّل اختناقات تعيق حركة القوات، مع تحديثها وفقًا للمعايير العسكرية. كما تخطط المفوضية لتحسين ربط شبكات النقل الأوروبية بأوكرانيا، بتكلفة قد تصل إلى 100 مليار يورو.
وتسعى المفوضية إلى تخصيص 17.7 مليار يورو لبرامج التنقل العسكري ضمن ميزانية الاتحاد للفترة المقبلة بداية من عام 2027، مقارنة بـ1.7 مليار يورو في الميزانية الحالية، وهو ما يمثل زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري.
وتعد هذه الخطوات جزءًا من حزمة تشريعية جديدة من المقرر إعلانها الأربعاء، وتشمل نظام الاستجابة المعزز للتنقل العسكري الأوروبي "EMERS"، الذي يسمح للدول الأعضاء أو للمفوضية بتفعيل تعليق مؤقت لقواعد النقل العادية خلال حالات الطوارئ، ما يمنح القوات المسلحة أولوية في استخدام البنية التحتية ووسائل النقل والخدمات الأساسية.
وتشير الوثيقة إلى أن بعض دول الاتحاد تشترط إشعارًا مسبقًا قد يصل إلى 45 يومًا قبل تحريك معدات عسكرية عبر أراضيها، معتبرة أن القواعد الحالية متباينة ومجزأة ولا تلبي احتياجات الاستجابة السريعة. ويهدف النظام الجديد إلى تبسيط الإجراءات الجمركية، وإتاحة استثناءات من قيود ساعات القيادة والراحة للمشغلين المدنيين حال الطوارئ، ويمكن أن يظل ساريًا لمدة تصل إلى عام بعد موافقة المجلس خلال 48 ساعة من تقديم الطلب.
وتتضمن الخطة أيضًا إنشاء مجموعة جديدة للتنسيق تضم السلطات الوطنية ووكالة الدفاع الأوروبية ودائرة العمل الخارجي، إلى جانب تسمية كل دولة عضو منسقًا وطنيًا للتنقل العسكري ليكون نقطة الاتصال المعنية بالتراخيص والإجراءات خلال الأزمات.
كما يشير البيان إلى مراجعات قادمة للوائح النقل الجوي والسككي، وتعزيز المطارات ذات الاستخدام المزدوج، وإنشاء احتياطي إستراتيجي للنقل يسمح بالاستخدام المشترك لأصول النقل الوطنية والأوروبية في حالات الأزمات. وتؤكد الوثيقة ضرورة تعزيز قدرات حماية البنية التحتية من الهجمات الإلكترونية والهجينة، في ظل تزايد هذه التهديدات، ومنها حادث استهداف خط سكة حديد في بولندا مؤخرًا والذي وصفته الحكومة بأنه "عملية تخريبية".
وتأتي هذه التحركات في ظل تحذيرات أمنية أوروبية متزايدة، حيث حذّر وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس مؤخرًا من احتمال قدرة روسيا على شن هجوم ضد دولة عضو في الناتو في غضون سنوات قليلة، وتحديدًا بين عامي 2028 و2029.
من زوايا العالم