تعيش إيران واحدة من أقسى موجات الجفاف منذ عقود، ما دفع السلطات في العاصمة طهران إلى اتخاذ إجراءات طارئة تشمل قطع إمدادات المياه مؤقتًا في بعض الأحياء، في محاولة للتعامل مع النقص الحاد في الموارد المائية.
وقال وزير الطاقة الإيراني عباس علي آبادي في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية إن الحكومة "مضطرة إلى قطع المياه عن المواطنين خلال بعض الأمسيات لإعادة ملء الخزانات"، مشيرًا إلى أن هذا الإجراء "سيساعد في تقليل الهدر، رغم ما قد يسببه من إزعاج للأهالي".
وأضاف الوزير أن العاصمة قد تشهد انخفاضًا حادًا في ضغط المياه خلال الأسابيع المقبلة، داعيًا السكان إلى تركيب خزانات ومضخات لمواجهة فترات الانقطاع.
ووفقًا لتقارير إعلامية، أبرزها من قناة «فرانس 24»، فإن سد أمير كبير – أحد أهم خمسة خزانات رئيسية تغذي طهران – لا يحتوي حاليًا سوى على 3.6 مليار جالون من المياه، مقارنة بأكثر من ستة أضعاف هذه الكمية العام الماضي، بينما يبلغ استهلاك العاصمة اليومي أكثر من 790 مليون جالون.
كما كشفت قناة «إيران فوكس» أن المسؤولين كانوا على علم بخطورة الوضع منذ يوليو الماضي، حيث أعلن وزير الطاقة عن تراجع في معدل الأمطار بنسبة 31%، ما أدى إلى تدهور سريع في المخزون المائي.
وفي ظل هذه الأزمة، حذر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان من احتمال فرض ترشيد صارم للمياه إذا لم تشهد البلاد هطول أمطار بحلول ديسمبر المقبل، لافتًا إلى أن استمرار الجفاف قد يدفع الحكومة إلى التفكير في إجلاء سكان طهران، الذين يقدر عددهم بنحو 10 ملايين نسمة، إلى مناطق أخرى أكثر استقرارًا مائيًا.
لكن مراقبين استبعدوا إمكانية تنفيذ هذا السيناريو فعليًا، معتبرين أنه "تحذير رمزي" أكثر منه خطة عملية، مشيرين إلى أن نقل العاصمة أو إجلاء سكانها يتطلب سنوات طويلة، نظرًا لتمركز مؤسسات الدولة والأنشطة الاقتصادية في طهران.
وتشير بيانات رسمية إلى أن نصف محافظات إيران الـ31 لم تشهد أي أمطار منذ أشهر، فيما تزداد المخاوف من أن يؤدي النقص الحاد في المياه إلى اضطرابات اجتماعية واحتجاجات في مناطق مختلفة من البلاد، مع تفاقم الأوضاع المعيشية نتيجة الجفاف المستمر.
تعاني إيران منذ سنوات من أزمة مائية متصاعدة بسبب تغير المناخ وسوء إدارة الموارد، حيث تراجعت مناسيب الأنهار والسدود بشكل حاد، وتزايدت معدلات التصحر.
وتعد العاصمة طهران من أكثر المدن تأثرًا بالأزمة، ما يجعلها في قلب معركة بقاء بيئية واقتصادية تتطلب حلولًا جذرية ومستدامة.
من زوايا العالم
فضاءات الفكر
منبر الرأي
من زوايا العالم
من زوايا العالم