بث تجريبي

عودة «داعش» إلى الواجهة في سوريا: التنظيم يستغل الانسحاب الأميركي والفوضى لتوسيع نفوذه

عاد تنظيم «داعش» إلى تنفيذ هجماته في شمال شرق سوريا بعد ست سنوات من سقوط «دولة الخلافة»، مستغلاً تراجع الوجود الأميركي وانهيار النظام السوري لتجديد نشاطه وتوسيع نفوذه.

ففي هجوم جديد، أطلق مسلحو التنظيم النار من دراجات نارية على شاحنة صغيرة تقلّ جنديين من قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركياً، ما أدى إلى مقتلهما على الفور. وقال أحد شهود العيان إن الهجوم هو الأول من نوعه في المنطقة منذ سنوات، مضيفاً بخوف: «لقد عادوا إلى مدينتنا».

قوات سوريا الديمقراطية، التي كانت رأس الحربة في الحرب ضد التنظيم بدعم من التحالف الدولي، تواجه الآن تصاعداً غير مسبوق في الهجمات. فبحسب بياناتها، نفّذ «داعش» 117 هجوماً في شمال شرق سوريا حتى نهاية أغسطس، مقارنة بـ73 فقط عام 2024، وتركّزت معظم العمليات في محافظة دير الزور.

يتراوح عدد مقاتلي التنظيم حالياً بين 2500 و3000، ويتبعون تكتيكات جديدة تعتمد على خلايا صغيرة نائمة، تنفذ اغتيالات وزرع عبوات ناسفة وفرض إتاوات على السكان، ما يعزز حالة الفوضى في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية.

قادة قوات سوريا الديمقراطية يؤكدون أن الانسحاب الأميركي الجزئي — الذي خفّض عدد القوات من نحو 2000 إلى 1500 جندي — شجّع التنظيم على التحرك بحرية أكبر. وقال القائد الكردي كوران تل تمر: «انسحاب الأميركيين يجعلنا في موقف صعب أمام تصاعد الهجمات وشكاوى المدنيين».

كما أشارت تقارير أميركية إلى أن التنظيم يحاول استغلال هشاشة الوضع الأمني في سوريا لإعادة بناء نفسه، رغم فقدانه القدرة على السيطرة على أراضٍ.

من ناحية أخرى، تواجه قوات سوريا الديمقراطية تحديات متعددة، بينها حراسة مخيمات وسجون تضم نحو 50 ألفاً من عناصر التنظيم وعائلاتهم، إضافة إلى اشتباكات متفرقة مع ميليشيات مدعومة من تركيا وقوات مرتبطة بالحكومة السورية الجديدة.

وبينما اعترفت وزارة الإعلام السورية بوجود «ثغرات أمنية» تسمح بعودة نشاط التنظيم، أكدت التزام الحكومة بمواصلة جهودها للقضاء عليه.

ورغم العمليات الجوية الأميركية التي استهدفت عدداً من قادة التنظيم خلال الأشهر الماضية، فإن غياب الدوريات المشتركة مع القوات الكردية ترك فراغاً أمنياً واضحاً. ويقول تل تمر بأسف: «حين يرى الناس الأميركيين هنا، يشعرون بالأمان… الآن، هذا الشعور اختفى».

هكذا، يعود «داعش» ليشكّل مجدداً تهديداً متصاعداً في سوريا، مستفيداً من الانقسامات السياسية، والفراغ الأمني، والتراجع الدولي عن الانخراط المباشر في محاربته.

قد يهمك