بث تجريبي

بين إشكاليات دستورية وأمنية .. انتخابات العراق أقرب إلى التأجيل وحكومة طوارئ في الأفق

يبدو أن ملف الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق يزداد تعقيدا مع اقتراب موعدها المقرر في نوفمبر المقبل، إذ تزايدت المؤشرات على إمكانية تأجيلها تحت وطأة الخلافات السياسية والتوترات الإقليمية، في ظل أجواء غير مستقرة تجعل من فكرة "حكومة الطوارئ" أو “تصريف الأعمال” احتمالا مطروحا أمام القوى السياسية.

المحلل السياسي مجاشع التميمي أوضح في تصريح له مع موقع "روج نيوز" أن المشهد العراقي بالغ التعقيد، وأن إجراء الانتخابات في موعدها يتوقف على شرطين أساسيين: التوافق السياسي وتوفير بيئة آمنة ومستقرة.

وأشار إلى أن معلومات وتسريبات متداولة بالفعل تتحدث عن تأجيل محتمل، سواء لدواعٍ فنية أو لوجستية أو بسبب استمرار الخلافات حول القوانين والإجراءات المنظمة للعملية الانتخابية. ويرى التميمي أن خيار حكومة الطوارئ يظل مطروحا من الناحية النظرية إذا تعذر تحديد موعد جديد أو تفاقمت الأزمات الأمنية والسياسية، لكنه خيار استثنائي يتطلب توافقا وطنيا واسعا وضغطا شعبيا واضحا.

مسار التأجيل بات الأقرب

مصادر مطلعة كشفت للصحيفة أن مسار التأجيل بات الأقرب، وأن تشكيل حكومة طوارئ قد يكون النتيجة المباشرة لذلك، في ظل ضغوط تمارسها بعض القوى السياسية لتأجيل الاستحقاق النيابي، وتزايد رقعة المقاطعة الشعبية.

غير أن هذا السيناريو يواجه رفضا صريحا من رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، الذي يكرر بشكل شبه يومي الدعوة إلى ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، محذرا من أن التأجيل سيعني انهيار النظام الديمقراطي وفتح الباب أمام الفوضى.

حكومة طوارئ

الخبير الأمني أحمد الشريفي كان قد أكد بدوره أن الحديث عن حكومة طوارئ أمر وارد، بل قد يصبح بديلا عن الانتخابات التي يتوقع ألا تُجرى في موعدها، مستشهدا بتجربة حكومة مصطفى الكاظمي السابقة التي أدارت البلاد كحكومة تصريف أعمال لفترة تجاوزت العام في ظل أزمة تشكيل الحكومة الجديدة.

البعد الإقليمي يظل حاضرا بقوة في هذا المشهد، إذ ارتبطت فكرة حكومة الطوارئ في بعض الأوساط بالضغط الأمريكي لحل الحشد الشعبي والفصائل المسلحة، إلى جانب مساعي واشنطن لتعزيز نفوذها عبر الحكومة العراقية. وقد جاء سحب قانون الحشد من البرلمان ليعكس هذه الضغوط، فيما تسعى بغداد لموازنة علاقاتها مع واشنطن في وقت حساس.

إشكاليات دستورية

من جانبه، اعتبر المحلل السياسي غالب الدعمي أن الذهاب إلى حكومة طوارئ غير ممكن دستوريا، لكنه لم يستبعد بقاء حكومة تصريف الأعمال في حال تأجيل الانتخابات. وأكد أن الاستعدادات الفنية واللوجستية للعملية الانتخابية اكتملت، وأنه لا توجد مؤشرات حاسمة حتى الآن على التأجيل، إلا إذا اندلع نزاع إقليمي جديد تكون إيران أو العراق طرفا فيه، وهو ما سيؤثر بشكل مباشر على الداخل العراقي.

ومع اقتراب الموعد المقرر للانتخابات في 11 نوفمبر، تواصل القوى السياسية حملاتها الانتخابية المبكرة بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في وقت يشهد فيه الملف الأمني تطورات لافتة أبرزها الانسحاب الأمريكي السريع من بعض المواقع نحو أربيل، في خطوة وصفها الجانب الأمريكي بأنها “إعادة انتشار” وليست انسحابا كاملا.

وهكذا، يبقى العراق أمام مفترق طرق بين استحقاق انتخابي لا يزال محل جدل واسع، وخيار الطوارئ الذي يلوح في الأفق كحل استثنائي قد يعيد خلط الأوراق السياسية والأمنية في آن واحد.

قد يهمك