بث تجريبي

اليمين الإسرائيلي يدفع نحو ضم الضفة الغربية .. ورقة نتنياهو لمواجهة الاعتراف الدولي بفلسطين

تشهد الساحة السياسية الإسرائيلية تصاعدًا لافتًا في الضغوط التي يمارسها شركاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أحزاب اليمين المتطرف، سعياً لفرض ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة.

وتأتي هذه التحركات في لحظة حساسة، إذ تواجه إسرائيل موجة اعترافات متزايدة بالدولة الفلسطينية من قِبل قوى غربية بارزة مثل بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا، وهو ما اعتبره مراقبون بمثابة تحدٍ مباشر للاحتلال الإسرائيلي وتوسعه الاستيطاني المستمر في الأراضي الفلسطينية، خاصة في ظل الاتهامات الدولية المتصاعدة لإسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.

استغلال للحظة

وبحسب تقرير نشرته صحيفة فاينانشال تايمز، يطالب حلفاء نتنياهو في الائتلاف الحكومي باستغلال هذه اللحظة عبر خطوات أحادية الجانب، أبرزها ضم مناطق حيوية من الضفة الغربية، باعتبار ذلك ردًا "مناسبًا" على اعترافات دولية بدولة فلسطين المستقلة. ويأمل هؤلاء أن تُمثّل هذه الخطوة ورقة انتخابية رابحة، تعزز شعبيتهم في الداخل قبل الاستحقاقات المقررة العام المقبل، رغم ما قد يترتب عليها من توتر خطير مع العالم العربي، وربما فرض عقوبات من الدول الأوروبية.

فيما كشف وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في اجتماع دبلوماسي أن الحكومة لم تحسم قرارها النهائي بشأن الضم، إلا أن الضغوط من التيار اليميني المتطرف تتزايد بوتيرة واضحة.

ويبرز في هذا السياق وزير المالية القومي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الذي طرح خطة علنية لضم نحو 82% من الضفة الغربية، معتبرًا أن هذه الخطوة ستُنهي "فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة إلى الأبد".

خيارات أخرى

لكن داخل أروقة الحكومة، يجري تداول خيارات أقل راديكالية. ووفق مصادر مطلعة، فقد ناقش وزراء إسرائيليون سيناريوهات متعددة، أبرزها: ضم مناطق "ج" التي تمثل نحو 60% من مساحة الضفة وتخضع أصلًا للسيطرة الإسرائيلية؛ أو ضم غور الأردن الذي يشكل الحد الشرقي للضفة على الحدود مع الأردن؛ أو الاكتفاء بخيار محدود يشمل المستوطنات القريبة من الخط الأخضر.

هذه السيناريوهات، مهما اختلفت في حجمها، ستفتح الباب أمام تصعيد أوروبي محتمل. فقد أكد دبلوماسيون أوروبيون أن عدة دول تدرس إجراءات عقابية، من بينها فرض قيود على التجارة مع المستوطنات، وتشديد العقوبات على المستوطنين المتورطين بالعنف، فضلًا عن تبني الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي أدان التوسع الاستيطاني باعتباره غير قانوني بموجب القانون الدولي.

العامل الأهم

غير أن العامل الأهم يظل مرتبطًا بموقف الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة دونالد ترامب. ففي الوقت الذي اعتادت فيه الإدارات السابقة على رفض الضم ودعم خيار حل الدولتين، يبدو أن الإدارة الجديدة أكثر مرونة تجاه المطالب الإسرائيلية.

السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، لم يُبدِ معارضة واضحة لأي خطوة تتعلق بضم أجزاء من الضفة، بل أكد أن الموقف العام لترامب يقوم على احترام "سيادة الدول" وعدم التدخل المباشر في قراراتها. هذا الموقف يُعيد للأذهان قرارات ترامب السابقة خلال ولايته الأولى، حين اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل وأيّد سيادتها على الجولان المحتل، متحديًا الإجماع الدولي.

في المحصلة، تقف إسرائيل اليوم عند مفترق طرق حاسم: فإما الرضوخ للضغوط اليمينية والمخاطرة بمزيد من العزلة الدولية، أو محاولة الموازنة بين مصالحها الداخلية والتهديدات المتزايدة في الساحة الخارجية. وبينما يترقب العالم خطوات نتنياهو المقبلة، يبقى مصير الضفة الغربية مرهونًا بتجاذبات السياسة الداخلية الإسرائيلية وبتوجهات البيت الأبيض.

قد يهمك