في خطوة تحمل أبعاداً سياسية وعسكرية لافتة، تابع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الثلاثاء، مناورات “الغرب-2025” أو “زاباد 2025” التي تجريها موسكو وبيلاروسيا بشكل مشترك، وذلك من ميدان تدريب “مولينو” في مقاطعة نيجني نوفغورود. ظهور بوتين بالزي العسكري في قلب التدريبات لم يكن مجرد تفصيل بروتوكولي، بل رسالة واضحة بأن القيادة الروسية تسعى إلى إظهار التماهي بين القيادة السياسية والعسكرية في مواجهة الضغوط الغربية المتصاعدة.
المناورات، التي استمرت بين 12 و16 سبتمبر، حملت في طياتها أكثر من مجرد تدريب روتيني، فهي تأتي في سياق دولي متوتر حيث ما زالت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا تلقي بظلالها على المشهد الأمني الأوروبي. بوتين شدد على أن هذه التدريبات تهدف بالأساس إلى صقل مهارات الدفاع عن “دولة الاتحاد” بين روسيا وبيلاروسيا، في إشارة مباشرة إلى التماسك الاستراتيجي بين موسكو ومينسك في مواجهة ما تعتبره “تهديدات غربية”.
وفقاً للإعلام الروسي، ركزت التدريبات على إدارة القوات المشتركة وتطوير آليات التنسيق الميداني واستخدام أنماط متنوعة لمواجهة التحديات. هذا التركيز يعكس إدراك الكرملين أن المعركة لم تعد تقليدية فقط، بل تشمل الحروب الهجينة التي تتداخل فيها التكنولوجيا والاستخبارات والقدرات الصاروخية. ومن هنا، فإن استعراض بوتين لأسلحة ومعدات استخدمت فعلياً في الحرب الأوكرانية يعكس رغبة في التأكيد على جدوى التجربة الميدانية وتطوير التكتيكات العسكرية.
المحللون يرون أن المناورات ليست موجهة فقط للخصوم، بل أيضاً للحلفاء، حيث يسعى بوتين إلى إظهار أن روسيا وبيلاروسيا قادرتان على إدارة مسرح عمليات مشترك واسع النطاق، ما يعزز الردع في وجه الناتو. في المقابل، يقرأ الغرب هذه التدريبات على أنها تصعيد جديد ورسالة بأن موسكو لن تتراجع عن سياستها الدفاعية الهجومية.
في النهاية، “زاباد 2025” ليست مجرد مناورة عسكرية، بل جزء من معركة أوسع على النفوذ والتوازنات الاستراتيجية في أوروبا، حيث تضع روسيا نفسها كفاعل لا يمكن تجاهله مهما اشتدت الضغوط والعقوبات.
من زوايا العالم
من زوايا العالم
من زوايا العالم
من زوايا العالم