لا تزال مبادرة السلام التي أطلقها القائد عبدالله أوجلان في 27 فبراير الماضي، تشكّل محوراً للنقاش داخل الأوساط السياسية والفكرية من بينها العراق الذي يعاني من سيادة ممزقة بفعل التدخل التركي حيث يُنظر إليها على أنها رسالة من إمرالي إلى شعوب أنهكتها الحروب، يسعى من خلالها إلى ترسيخ السلام.
وتلك المبادرة “ليست خاصة بالكرد وحدهم، بل هي قضية إنسانية عابرة للقوميات”، بهذه الكلمات لخّص كتاب وسياسيون عراقيون جوهر الحملة الجديدة التي حملت شعار “أنا أيضاً أرغب بلقاء السيد أوجلان”.
وضمن تلك الحملة التي جاءت إيماناً بأهمية الحوار والتواصل في سبيل حل النزاعات وتحقيق السلام الدائم، طالب الكتاب والسياسيون، الدولة التركية بإطلاق سراح القائد عبدالله أوجلان، فيما رأوا أن هذه المبادرة وراءها رسالة دعم للقضية الكردية.
وكان كتّاب ومفكرون وأكاديميون عرب قد أطلقوا حملة بعنوان “أنا أيضاً أرغب بلقاء السيد أوجلان”، في دعوة موجهة إلى وزارة العدل التركية للسماح لهم بلقاء القائد عبد الله أوجلان.
وذكروا في الحملة أن “المبادرة السلمية التي أطلقها السيد عبد الله أوجلان في 27 فبراير 2025، تعبر عن الإرادة الواقعية والمنطقية لفكره، الذي أسس لمعنى الحرية ومبدأ السلام، وأرسى الأرضية المتينة للحفاظ على السلم العالمي، بهدف جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الحروب والدمار ومن الفكر المتطرف، نداء ومبادرة “السلام والمجتمع الديمقراطي”، عبّرت عن مبدأ الإنسانية والفكر الحر والمجتمع الديمقراطي، وهذا ما يؤكد أن العمل السياسي ليس ملكاً لمجتمع معين أو قومية معينة أو حزباً معين أو أي أيديولوجية أخرى، بل هو فكر ونهج يرمز إلى الديمقراطية والحرية والسلام في المنطقة بشكل عام”.
كما قالوا إن “السيد عبدالله أوجلان قبل انتمائه القومي والسياسي، فهو ينتمي إلى منظومة إنسانية نبيلة وراقية، أسست مفهوما جديدا في الصراعات الدولية، وعمل على البحث عن حلول لقضايا الشعوب والمجتمعات من خلال بناء المجتمع الديمقراطي البعيد عن الحرب وعسكرة المجتمع”.
وأضافوا، “نؤمن أن نداء ومبادرة السيد عبدالله أوجلان فتحت الباب على مصراعيه لحل القضية الكردية ومشاكل المنطقة بشكل سلمي وديمقراطي، وهذا العمل الإنساني الكبير الذي يقوم به يعبر عن هوية المجتمع المتحضر، وعليه أنا ايضا أرغب في اللقاء مع السيد عبدالله أوجلان والتضامن معه في حل قضايا ومشاكل المنطقة بالأسلوب السلمي، ونثق بأن هذا الطريق هو بداية مسيرة جديدة لبناء المجتمع الديمقراطي.
وتأتي رغبة اللقاء مع السيد عبدالله اوجلان إيمانًا منّا بأهمية الحوار والتواصل من أجل حلّ النزاعات وتحقيق السلام الدائم، لقد تابعنا باهتمام مبادرة السلام والنداء الذي أطلقه، وبكل تأكيد إنها تعكس رؤية إيجابية نحو إنهاء العنف وبناء جسور التفاهم بين شعوب المنطقة عامة.
ومن بين الأسماء الموقعة على الحملة، قال الكاتب والناشط السياسي أسعد العبادي أنه “حقيقةً، هناك دعوة أو مبادرة لكي يلتقي عدد من الناشطين والسياسيين ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات السياسية بالقائد عبدالله أوجلان في سجنه، كرسالة دعم للقضية الكردية.
وأضاف العبادي انه “ما حرّك الموضوع اليوم هو دعوة دولت بهجلي لإثارته مجدداً داخل البرلمان التركي، أملاً في إجراء تعديلات دستورية تستوعب القضية الكردية وتفتح الطريق لحلها بشكل نهائي، هذه المبادرة جاءت استجابة لمبادرة السلام التي أطلقها القائد أوجلان، وأيضاً جاءت بعد المبادرة العربية التي اندرجت ضمن هذا الإطار”.
وتابع العبادي قائلاً: “نحن كناشطين عراقيين جادون في هذا الموضوع، وهناك توقيعات من إعلاميين وأسماء سياسية ومدنية وأكاديمية معروفة، المسألة تتطور يوماً بعد يوم وتأخذ أبعاداً يمكن أن تزيل حالة الجمود التي تعيشها القضية الكردية، حيث تم تشكيل لجنة برلمانية تركية تضم 51 شخصية من عدة أحزاب، لمعالجة المشكلة دستورياً وقانونياً ونحن بانتظار ما ستسفر عنه قرارات هذه اللجنة”.
بدوره، قال الصحفي والناشط السياسي صبحي البدري، رئيس تحرير جريدة “صدى العمال الجديد”، في تعليق له على مبادرة السيد عبدالله أوجلان بتاريخ 27 فبراير أن “المبادرة كانت واضحة وصريحة، وجاءت هذه المرة عبر البرلمان التركي من خلال دولت بهجلي، زعيم الحركة القومية، الذي طرحها على الرئيس أردوغان وعلى البرلمان رغم أن دولت بهجلي كان من ألدّ أعداء القضية الكردية ومن هنا جرت حوارات مع مجموعة من البرلمانيين، أفضت إلى مبادرة 27 فبراير التي نصت على أن يلقي حزب العمال الكردستاني السلاح، على أن تلي ذلك حوارات واسعة تمهّد لدمجه في الحياة السياسية والاجتماعية داخل تركيا”.
وأضاف البدري ان “هذه المبادرة لا تخص الكرد وحدهم، بل هي مبادرة إنسانية عابرة للقوميات وللنهج الشوفيني المتعصب، وتهدف إلى إحلال السلام في الشرق الأوسط كله، بما فيه العراق فنحن أيضاً سنستفيد منها، إذ أن تركيا أقامت أكثر من 50 قاعدة عسكرية داخل إقليم كردستان العراق، بحجة محاربة حزب العمال الكردستاني واعتباره منظمة إرهابية أما بعد هذه المبادرة، فما هي الحجة المتبقية؟ على أنقرة أن تسحب قواتها من الأراضي العراقية”.
وأشار إلى أن “العالم رحّب كثيراً بهذه المبادرة، وكذلك حزب العمال الكردستاني الذي عقد مؤتمره الثاني عشر في السليمانية، وأصدر عدة قرارات بهذا الخصوص. الكرة الآن في ملعب أنقرة، وعليها أن تبادر بإطلاق سراح القائد عبدالله أوجلان”.
وأكد البدري قائلاً “نحن كإعلاميين عراقيين ومثقفين وناشطين، ومعنا المبادرة الشعبية للدفاع عن العراق، نقول بصوت واحد: أطلقوا سراح عبدالله أوجلان كما نحن نرغب بلقائه، ومعنا شخصيات عراقية وعربية وأخرى من مختلف دول العالم. وعلى وزارة العدل التركية أن توافق على هذا اللقاء، ليكون رسالة ضغط اجتماعي وسياسي وثقافي، لأن هذه المبادرة لا بد أن تحظى بتصعيد وحضور إعلامي واسع، فهي تحمل نتائج إيجابية وتخلص شعوب المنطقة من ويلات الحروب”.
وختم البدري بالقول، “لقد استمرت الحرب بين حزب العمال الكردستاني وتركيا 40 عاماً، أُهدرت فيها دماء كثيرة دون أن ينتصر أحد على الآخر، لا حزب العمال استطاع القضاء على الجيش التركي، ولا أنقرة تمكنت من إنهاء وجود الحزب لذلك فإن مبادرة السلام أعطت فرصة جديدة ليعيش الناس بأمان وسلام واستقرار ومن هنا أطلقنا نحن مبادرة أنا أيضاً أرغب بلقاء السيد أوجلان، لإعادة الأمل بسلام حقيقي في المنطقة”.
من زوايا العالم
من زوايا العالم
منبر الرأي
أصداء المرأة
منبر الرأي
منبر الرأي